للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهناك تلّ عظيم من رمل خارج في البحر الشّامي، يقطع الفرنج عنده الطريق على المارّة، وبالقرب من التّل سباخ، ينبت فيه ملح يحمله العربان إلى غزّة والرّملة، وبقرب هذا السّباخ آبار يزرع عندها مقاثي لعربان تلك البوادي.

[ذكر مدينة صا]

قال ابن وصيف شاه: ولمّا قسم قبطيم بن مصرايم الأرض بين أشمون (a) وأتريب وقفط وصا، انتقل كلّ واحد إلى قسمه وحيّزه، فخرج صا بأهله وولده وحشمه إلى حيّزه - وهو بلد البحيرة والإسكندرية - حتى انتهى (b) إلى برقة (c)، ونزل مدينة صا قبل أن تبنى الإسكندرية. وكان صا أصغر ولد أبيه وأحبّهم إليه، فلمّا ملك حيّزه أمر بالنّظر في العمارات وبناء المدائن والبلدان والهياكل، وإظهار العجائب، كما صنع إخوته، وطلب الزّيادة في ذلك.

وكان (d) مرهون الهندي (e) صاحب بنائه (f)، فبنى له (g) من حدّ صا إلى حدّ لوبية ومراقية على البحر أعلاما، وجعل على رؤوس تلك الأعلام مرائي من أخلاط شتّى: فكان منها ما يمنع من دواب البحر وأذاها، ومنها ما إذا قصدهم عدوّ من الجزائر وأصابها الشّمس، ألقت شعاعا على مراكبهم فأحرقتها. ومنها ما يرى المدائن التي تحاذيهم من عدوة البحر وما يعمله أهلها. ومنها ما ينظر منها (h) إلى إقليم مصر، فيعلم منه ما يخصب وما يجدب في كلّ سنة.

وجعل فيها حمّامات تقد من نفسها، وجعل مستشرقات ومتنزّهات. وكان ينزل كلّ يوم منها في موضع بمن يخصّه من خدمه وحشمه، وجعل حواليها بساتين، وسرّح فيها الطّيور المغرّدة والوحش المستأمن والأنهار المطّردة والرّياض المونقة. وجعل شرفات قصوره من حجارة ملوّنة، تلمع إذا أصابتها الشّمس، فينشر شعاعها على ما حولها، ولم يدع شيئا من آلة النّعمة والرّفاهية إلاّ استعمله. فكانت العمارة ممتدّة في رمال رشيد ورمال الإسكندرية إلى برقة. وكان الرجل


(a) الأصل: أشمن.
(b) الأصل: تنتهي.
(c) عند النويري نقلا عن ابن وصيف شاه. وهو بلد البحيرة وما يليها إلى برقة.
(d) بولاق: قال والتصويب من النويري.
(e) كذا في الأصل وعند النويري وفي تعليقات: Wiet المهندس.
(f) بولاق: بابه.
(g) ساقطة من بولاق.
(h) بولاق: فيها. رمزي: القاموس الجغرافي ٩٦: ١).