هذا الموضع خارج القاهرة من شرقيها، فيما بين الثّغرة (b) (١) التي ينزل من قلعة الجبل إليها وبين قبّة النّصر التي تحت الجبل الأحمر، ويقال له أيضا «الميدان الأسود»، و «ميدان العيد»، و «الميدان الأخضر»، و «ميدان السّباق»(٢). وهو ميدان السّلطان الملك الظّاهر ركن الدّين بيبرس البندقداري الصّالحي النّجمي، بنى به مسطبة في المحرّم من سنة ستّ وستين وستّ مائة، عندما احتفل برمي النّشّاب وأمور الحرب، وحثّ النّاس على لعب الرّمح ورمي النّشّاب ونحو ذلك، وصار ينزل كلّ يوم إلى هذه المسطبة من الظّهر، فلا يركب منها إلى العشاء الآخرة، وهو يرمي ويحرّض النّاس على الرّمى والرّهان. فما بقي أمير ولا مملوك إلاّ وهذا شغله، وتوفّر النّاس على لعب الرّمح ورمي النّشّاب.
وما برح من بعده من أولاده، والملك المنصور سيف الدّين قلاوون الألفي الصّالحي النّجمي، والملك الأشرف خليل بن قلاوون، يركبون في الموكب لهذا الميدان، وتقف الأمراء والمماليك السّلطانية تسابق بالخيل فيه قدّامهم، وتنزل العساكر فيه لرمي القبق.
والقبق عبارة عن خشبة عالية جدّا تنصب في براح من الأرض، ويعمل بأعلاها دائرة من خشب، وتقف الرّماة بقسيّها وترمي بالسّهام جوف الدّائرة لكي تمرّ من داخلها إلى غرض هناك، تمرينا لهم على إحكام الرّمي. ويعبّر عن هذا بالقبق في لغة التّرك (٣).
(a) المسودة: الميدان الأسود. (b) بولاق: النقرة. (١) الثّغرة. انظر عنها فيما يلي ٣٢٠: ٢ (جامع منجك). (٢) يدلّ على مكان ميدان القبق (الميدان الأسود) الأرض المشغولة الآن بترب جبّانة باب الوزير وقرافة المجاورين وجبّانة المماليك وتنتهي عند قبّة الأمير يونس الدّوادار (مسجلّة بالآثار برقم ١٣٩) الموجودة بالجهة البحرية من قبّة السّلطان برقوق، المعروفة الآن بقبّة آنص والد السّلطان برقوق (مسجلة بالآثار برقم ١٥٧). (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٦٥: ٧ هـ ٣). وهي المنطقة التي يخترقها الآن جزء من طريق صلاح سالم بين مدخل مدينة المقطّم جنوبا وميدان الفردوس شمالا. (انظر كذلك، حسن عبد الوهاب: «خانقاه فرج بن برقوق وما حولها»، المؤتمر الثالث للآثار في البلاد العربية، القاهرة ١٩٦١، ٢٨٤ - ٢٨٨؛ محمد الششتاوي: ميادين القاهرة في العصر المملوكي، ٦١ - ٧١). (٣) يضاف إلى هذا الوصف: أنّ القبق لفظة تركية تعني القرعة العسليّة، كانت تتّخذ هدفا تعلّق فوق عمود يرميه -