للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر الجسور]

الجسر - بفتح الجيم - الذي تسمّيه العامّة جسرا … عن ابن دريد. وقال الخليل: الجسر والجسر لغتان، وهو القنطرة ونحوها ممّا يعبر عليه.

وقال ابن سيده: والجسر الذي يعبر عليه، والجمع القليل أجسر، قال:

[الرجز]

إنّ فراخا كفراخ الأوكر … بأرض بغداد وراء الأجسر

والكثير جسور (١).

[جسر الأفرم]

هذا الجسر بظاهر مدينة مصر، فيما بين المدرسة المعزّيّة برحبة الحنّاء (٢) قبلي مصر وبين رباط الآثار النّبويّة (٣). كان موضعه في أوّل الإسلام غامرا بماء النّيل، ثم انحسر عنه الماء فصار فضاء إلى نحو خليج بني وائل، ثم ابتنى النّاس فيه مواضع، وهناك كان الهرى قريبا من الخليج. ثم صار موضع جسر الأفرم هذا ترعة يدخل منها ماء النّيل إلى البركة الشّعيبيّة (٤).

فلمّا استأجر الأمير عزّ الدين أيبك الأفرم بركة الشّعيبيّة، وجعلها بستانا كما تقدّم ذكره في البرك (٥)، ردم هذه التّرعة، وبني حيطان البستان وجسر عليه، فأقام على ذلك سنين. ثم لمّا


(١) ابن سيده: المحكم والمحيط الأعظم ١٨٩: ٧.
(٢) لم يفرد المقريزي المدرسة المعزّيّة التي بناها المعزّ أيبك التّركماني سنة ٦٥٤ هـ/ ١٢٥٦ م بمدخل مستقل. وهذه المدرسة كانت تقع برحبة دار الملك التي عرفت أيضا برحبة الخرّوب لبيعه بها، والتي أصبحت تعرف في زمن المقريزي برحبة الحنّاء (فيما يلي ٥٨٦).
كانت هذه المدرسة تقع على شاطئ نيل الفسطاط ويدلّ على مكانها اليوم الجامع المعروف بجامع عابدي بك الشهير بجامع الشيخ رويش، المطل على النيل في آخر شارع مصر القديمة من الجهة الجنوبية. وعرف هذا الجامع باسم أمير اللواء عابدي بك لأنّه جدّده في سنة ١٠٧١ هـ/ ١٦٦٠ م، ثم اشتهر باسم الشيخ رويش لمجاورته لضريحه الكائن بحارة الخوخة بالجهة الشرقية القبلية من الجامع المذكور. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٤: ٧ هـ ٣، ١٩٥: ٩؛ وانظر كذلك ابن دقماق: الانتصار ٩٢: ٤ - ٩٣).
(٣) انظر عن رباط الآثار النّبوية، فيما يلي ٤٢٩: ٢.
(٤) بما أنّ المدرسة المعزّيّة هي الموضع المعروف الآن بجامع عابدي بك الشهير بجامع الشيخ رويش، ورباط الآثار هو المعروف الآن بجامع أثر النبي جنوب مصر القديمة، فيكون موضع الجسر الذي أنشأه الأفرم هو المسافة الفاصلة بين الجامع والرباط. (أبو المحاسن: النجوم ٨١: ٨ هـ ٢).
(٥) فيما تقدم ٥٢٧.