ويصف لنا المقريزي ما تخلّف من خزانة كتب «المدرسة الأشرفيّة المستجدّة» بالصّوّة تجاه الطّبلخاناه من قلعة الجبل بعد هدمها، حيث وجد بها «من المصاحف والكتب في الحديث والفقه وغيره من أنواع العلوم جملة»، فاشترى جمال الدّين الأستادّار ذلك من الملك الصّالح المنصور حاجي بن الأشرف بمبلغ ستّ مائة دينار، وكانت قيمتها عشرات أمثال ذلك، ونقلها إلى داره وكان ممّا فيها:«عشرة مصاحف طول كلّ مصحف منها أربعة أشبار إلى خمسة في عرض يقرب من ذلك، أحدها بخطّ ياقوت، وآخر بخطّ ابن البوّاب، وباقيها بخطوط منسوبة، ولها جلود في غاية الحسن معمولة في أكياس الحرير الأطلس، ومن الكتب النّفيسة عشرة أحمال جميعها مكتوب في أوّله الإشهاد على الملك الأشرف بوقف ذلك ومقره في مدرسته»(فيما يلي ٦٣٦).
ولعلّ أهمّ خزائن كتب المدارس المملوكية هي خزانة كتب «مدرسة جمال الدّين محمود الأستادّار» المعروفة أيضا ب «المدرسة المحموديّة» بخطّ الموازينيين بالشّارع الأعظم خارج باب زويلة المعروفة الآن ب «جامع الكردي» الواقع في أوّل الخيميّة على يسار المتّجة إلى المغربلين والسّروجيّة.
يقول المقريزي في وصف خزانتها:«ولا يعرف اليوم بديار مصر ولا الشّام مثلها، وهي باقية إلى اليوم، لا يخرج لأحد منها كتاب إلاّ أن يكون في المدرسة، وبهذه الخزانة كتب الإسلام من كلّ فنّ، وهذه المدرسة من أحسن مدارس مصر»(فيما يلي ٥٩٢ - ٥٩٤). وكانت كتب هذه الخزانة كثيرة جدّا، كما يقول ابن حجر، وعدّها من أنفس الكتب الموجودة في وقته بالقاهرة، وأصلها من جمع القاضي برهان الدّين أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرّحيم بن محمد بن جماعة الكناني الحموي المقدسي، المتوفى سنة ٧٩٠ هـ/ ١٣٨٨ م، في طول عمره، واشتراها محمود الأستادّار من تركته بعد موته ووقفها، وشرط أن لا يخرج منها شيء من مدرسته (١). ويضيف ابن حجر أنّ القاضي برهان الدّين بن جماعة «خلّف من الكتب النّفيسة ما يعزّ اجتماع مثله؛ لأنّه كان مغرما بها، فكان يشتري النّسخة من الكتاب التي إليها المنتهى في الحسن، ثم يقع له هذا الكتاب بخطّ