يوسف بن أيّوب، في أوّل المحرّم سنة ستّ وستين وخمس مائة، وأنشأها مدرسة برسم الفقهاء الشّافعية - وكان حينئذ يتولّى وزارة مصر للخليفة العاضد، وكان هذا من أعظم ما نزل بالدّولة - وهي أوّل مدرسة عملت بديار مصر (١). ولمّا كملت وقف عليها الصّاغة - وكانت بجوارها - وقد خربت، وبقي منها شيء يسير قرأت عليها اسم/ الخليفة العزيز باللّه، ووقف عليها أيضا قرية تعرف (a).
وأوّل من ولي التّدريس بها ابن زين التّجّار فعرفت به، ثم درّس بها بعده ابن قطيطة ابن الوزّان، ثم من بعده كمال الدّين أحمد بن شيخ الشّيوخ، وبعده الشّريف القاضي شمس الدّين أبو عبد اللّه محمد بن الحسين بن محمد الحنفي - قاضي العسكر الأرموي - فعرفت به، وقيل لها «المدرسة الشّريفية» من عهده إلى اليوم. ولولا ما يتناوله الفقهاء من المعلوم بها لخربت، فإنّ الكيمان ملاصقة لها بعد ما كان حولها أعمر موضع في الدّنيا.
وقد ذكر حبس المعونة عند ذكر السّجون من هذا الكتاب (٢).
المدرسة القمحيّة
هذه المدرسة بجوار الجامع العتيق بمصر، كان موضعها يعرف بدار الغزل - وهو قيساريّة يباع فيها الغزل - فهدمها السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، وأنشأ موضعها مدرسة للفقهاء المالكية، وكان الشّروع فيها للنصف من المحرّم سنة ستّ وستين وخمس مائة، ووقف عليها قيساريّة الورّاقين وعلوّها بمصر، وضيعة بالفيّوم تعرف بالحنبوشيّة، ورتّب فيها أربعة من المدرّسين عند كلّ مدرّس عدّة من الطلبة (٣).
وهذه المدرسة أجلّ مدرسة للفقهاء المالكية، ويتحصّل لهم من ضيعتهم التي بالفيّوم قمح يفرّق فيهم، فلذلك صارت لا تعرف إلاّ بالمدرسة القمحيّة إلى اليوم (٤). وقد أحاط
(a) بياض في الأصول. (١) أضاف في اتعاظ الحنفا (٣١٩: ٣): «وهي أوّل مدرسة عمّرت بمصر لإلقاء العلم»، وانظر ٤٥٣ هـ ١. (٢) فيما تقدم ٥٩٧: ٣ - ٥٩٨. (٣) ابن دقماق: الانتصار ٩٥: ٤؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣١٩: ٣؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٨٥: ٥. وقد زالت الآن هذه المدرسة، ويدلّ على مكانها الآن الفضاء الواقع في الجهة الشرقية من جامع عمرو. (٤) ولي ابن خلدون تدريس هذه المدرسة سنة ٧٨٦ هـ. -