للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسجد الحلبيّين

هذا المسجد فيما بين باب الزّهومة ودرب شمس الدّولة، على يسرة من سلك من حمّام خشيبة طالبا البندقانيين. بني على المكان الذي قتل فيه الخليفة الظّافر نصر بن عبّاس الوزير، ودفنه تحت الأرض. فلمّا قدم طلائع بن رزّيك من الأشمونين إلى القاهرة، باستدعاء أهل القصر له ليأخذ بثأر الخليفة، وغلب على الوزارة، استخرج الظّافر من هذا الموضع ونقله إلى تربة القصر، وبنى موضعه هذا المسجد وسمّاه «المشهد»، وعمل له بابين: أحدهما هذا الباب الموجود (a) بدرب شمس الدّولة (a)، والباب الثّاني كان يتوصّل منه إلى دار المأمون البطائحي - التي هي اليوم مدرسة تعرف بالسّيوفيّة (١) - وقد سدّ هذا الباب.

وما برح هذا المسجد يعرف بالمشهد إلى أن انقطع فيه محمد بن أبي الفضل بن سلطان ابن عمّار بن تمّام، أبو عبد اللّه الحلبي الجعبري المعروف بالخطيب (٢). وكان صالحا كثير العبادة، زاهدا منقطعا عن الناس ورعا، وسمع الحديث وحدّث. وكان مولده في شهر رجب سنة أربع وعشرين وستّ مائة بقلعة جعبر، ووفاته بهذا المسجد - وقد طالت إقامته فيه - يوم الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وسبع مائة، ودفن بمقابر باب النصر - (a) ظاهر القاهرة (a) .

وهذا المسجد من أحسن مساجد القاهرة وأبهجها (b) (٣).


(a) (a-a) إضافة من المسوّدة.
(b) العبارة في المسوّدة: وهو مكان حسن البناء كثير الرخام.
(١) انظر فيما تقدم ٣٦٥: ٢.
(٢) راجع ترجمته عند، المقريزي: المقفى الكبير ٥٢١: ٦؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٢٥٦: ٤.
(٣) دخل هذا المسجد في أرض المدرسة السّيوفية (فيما تقدم ٩٩)، التي حلّ محلّها الآن الجامع المعروف ب «جامع الشّيخ مطهّر»، الذي عمّره الأمير عبد الرحمن كتخدا القازدغلي سنة ١١٥٧ هـ/ ١٧٤٤ م، والواقع الآن على يسار الدّاخل في شارع المعز لدين اللّه من جهة شارع جوهر القائد بجوار محلّ السّرجاني، ومسجل بالآثار برقم ٤٠. (الجبرتي: عجائب الآثار ٩: ٢؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٢٦٥: ٥ (١١٦)؛ عاصم محمد رزق: أطلس العمارة الإسلامية ١٦١٩: ٤ - ١٦٤٢). ويقترح صديقي محمد أبو العمائم أنّ مسجد الحلبيين حلّ موضعه الآن مسجد الجوهري بحارة الجوهري من السّكّة الجديدة.