فتقدّم إلى الأمير سيف الدّين أبي بكر بن المزوّق (a) الأستادّار بعملها خانكاه، وسار منها في يوم الأربعاء سادس عشره، فأخذ الأمير أبو بكر (b) في عملها حتى كملت في آخر السنة.
واستقرّ في مشيختها شمس الدّين محمد (b) بن الحمتى الدّمشقي الحنبلي، وخلع عليه يوم السبت سنة ثلاث وعشرين وثمان مائة، ورتّب له في كلّ يوم عشرة مؤيّدية: عنها مبلغ سبعين درهما فلوسا، سوى الخبز والسّكن، وقرّر عنده عشرة من الفقراء، لكلّ منهم مع الخبز مؤيّدي في كلّ يوم، فجاءت من أحسن شيء.
ذكر الرّبط
الرّبط: جمع رباط، وهو دار يسكنها أهل طريق اللّه.
قال ابن سيده: الرّباط من الخيل: الخمس فما فوقها، والرّباط، والمرابطة: ملازمة ثغر العدوّ، وأصله أن يربط كلّ واحد من الفريقين خيله، ثم صار لزوم الثّغر رباطا، وربّما سمّيت الخيل أنفسها رباطا. والرّباط المواظبة على الأمر، قال الفارسيّ: هو ثان من لزوم الثّغر، ولزوم الثّغر ثان من رباط الخيل. وقوله تعالى: ﴿وَصابِرُوا وَرابِطُوا﴾ [الآية ٢٠٠ سورة آل عمران]، قيل: معناه:
جاهدوا، وقيل: واظبوا على مواقيت الصّلاة (١).
وقال أبو حفص السّهروردي في كتاب «عوارف المعارف»: وأصل الرّباط ما تربط فيه الخيول، ثم قيل لكلّ ثغر يدفع أهله عمّن وراءهم رباط، فالمجاهد المرابط يدفع عمّن وراءه، والمقيم في الرّباط على طاعة اللّه يدفع به وبدعائه البلاء عن العباد والبلاد (٢).
وروى داود بن صالح، قال: قال لي أبو سلمة بن عبد الرّحمن: يا ابن أخي، هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية ﴿اِصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا﴾؟ قلت: لا. قال: يا ابن أخي، لم يكن