للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في زمن رسول اللّه غزو تربط فيه الخيل، ولكنّه انتظار الصّلاة بعد الصّلاة. فالرّباط جهاد النفس، والمقيم في الرّباط مرابط مجاهد نفسه. واجتماع أهل الرّبط إذا صحّ على الوجه الموضوع له الرّبط، وتحقّق أهل الرّبط بحسن المعاملة ورعاية الأوقات وتوقّي ما يفسد الأعمال ويصحّح الأحوال، عادت البركة على العباد والبلاد.

وشرائط سكّان الرّباط قطع المعاملة مع الخلق، وفتح المعاملة مع الحقّ، وترك الاكتساب اكتفاء بكفالة مسبّب الأسباب، وحبس النفس عن المخالطات، واجتناب التّبعات، ومواصلة الليل والنهار بالعبادة متعوّضا بها عن كلّ عادة، والاشتغال بحفظ الأوقات، وملازمة الأوراد، وانتظار الصّلوات، واجتناب الغفلات، ليكون بذلك مرابطا مجاهدا (١).

والرّباط هو بيت الصّوفيّة ومنزلهم (a)، ولكلّ قوم دار، والرّباط دارهم، وقد شابهوا أهل الصّفّة في ذلك. فالقوم في الرّباط مرابطون متّفقون على قصد واحد وعزم واحد وأحوال متناسبة، ووضع الرّباط لهذا المعنى (٢).

قال كاتبه (b): ولاتّخاذ الرّبط والزّوايا أصل من السّنّة، وهو أنّ رسول اللّه اتّخذ لفقراء الصّحابة، الذين لا يأوون إلى أهل ولا مال، مكانا من مسجده كانوا مقيمين به (c)، عرفوا بأهل الصّفّة.


(a) في عوارف المعارف: ومضربهم.
(b) بولاق: مؤلّفه.
(c) بولاق: يقيمون فيه.
(١) السهروردي: عوارف المعارف ١٠٠ - ١٠١.
ففي الحديث: «ألا أدلّكم على ما يمحو اللّه به الخطايا وترفع به الدّرجات». قلنا: بلى يا رسول اللّه، قال: «إشباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة، فذلكم الرّباط». (نفسه ١٠١؛ النعيمي: الدّارس في تاريخ المدارس ١٩٥: ٢).
(٢) السهروردي: عوارف المعارف ١٠٢ وقارن مع النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس ١٩٥: ٢، وفيه أنّ العلماء لم يتعرّضوا للفرق بين الخانكاه وبين الزّاوية والرّباط، وهو المكان المسبّل للأفعال الصّالحة والعبادة. وانظر مقال دونالد ليتل