للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جزيرة أروى (١)

هذه الجزيرة تعرف بالجزيرة الوسطى، لأنّها فيما بين الرّوضة وبولاق وفيما بين برّ القاهرة وبرّ الجيزة، لم ينحسر عنها الماء إلاّ بعد سنة سبع مائة.

وأخبرني (a) القاضي الرّئيس تاج الدّين أبو الفداء إسماعيل بن أحمد بن عبد الوهّاب ابن الخطبا المخزومي، عن الطّبيب (b) الفاضل شمس الدّين محمد بن الأكفاني، أنّه كان يمرّ بهذه الجزيرة أوّل ما انكشفت، ويقول: هذه الجزيرة تصير مدينة - أو قال تصير بلدة - على الشّك منّي. فاتّفق ذلك، وبنى النّاس فيها الدّور الجليلة والأسواق والجامع والطاحون والفرن، وغرسوا فيها البساتين، وحفروا الآبار، وصارت من أحسن متنزّهات مصر يحفّ بها الماء.

ثم صار ينكشف ما بينها وبين برّ القاهرة، فإذا كانت أيّام زيادة ماء النّيل أحاط الماء بها، وفي بعض السّنين يركبها الماء، فتمرّ المراكب بين دورها وفي أزقّتها. ثم لمّا كثر الرّمل فيما بينها وبين البرّ الشرقي - حيث كان خطّ الزّربيّة (c) وفم الخور - قلّ الماء هناك، وتلاشت مساكن هذه الجزيرة منذ كانت الحوادث في سنة ستّ وثمان مائة، وفيها إلى اليوم بقايا حسنة.

[الجزيرة التي عرفت بحليمة]

لمّا كان في سنة سبع وأربعين وسبع مائة، انكشفت في بحر النّيل عدّة مواضع وقلّ مدده، وصار من المقياس إلى برّ مصر تخوضه النّاس، ومن بولاق إلى منشأة المهراني ومن بولاق إلى جزيرة الفيل إلى المنية طريقا يبسا، وصار السّقّاؤون إنّما يملئون (d) الماء من ناحية أنبوبة، فقلّ الماء ووصلت الرّاوية إلى درهم بعد أن كانت بنصف وربع درهم، وخرجت جزيرة فيما بين بولاق (٢)


(a) مسودة الخطط: وحدّثني.
(b) مسودة الخطط: الحكيم.
(c) بولاق: الزريبة.
(d) النسخ: يملون.
(١) جزيرة أروى، أو الجزيرة الوسطى. هي الجزيرة المبيّنة على الخريطة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ م باسم جزيرة بولاق لوقوعها تجاه بولاق. وهي الجزيرة المعروفة الآن باسم الجزيرة أو جزيرة الزّمالك، والتي يشغل حيّ الزمالك قسمها الشمالي ويشغل نادي الجزيرة الرياضي والنادي الأهلي ودار الأوبرا قسمها الأوسط، ويشغل فندق شيراتون الجزيرة ومبنى مجلس قيادة الثورة قسمها الجنوبي.
(٢) المقريزي: مسودة الخطط ١٧٨ ظ.