وقيل إنّ مالك بن ذعر بن حجر بن جديلة بن لخم، كان له أربعة وعشرون ولدا ذكرا، فكثرت أولادهم حتى بنوا المدائن والقرى والحصون، وعمّروا بلاد مدين كلّها، وغلبوا على بلاد الشّام ومصر والحجاز وغيرها خمس مائة سنة.
وقيل إنّما كان استيلاء ملوك مدين على مصر خمس مائة سنة، بعد غرق فرعون موسى وهلاك دلوكة بنت زبّان (a)، حتى أخرجهم منها نبيّ اللّه سليمان بن داود، فعاد الملك إلى القبط بعدهم (١).
[ذكر مدينة فاران]
هذه المدينة بساحل بحر القلزم (٢)، وهي من مدن العماليق، على تلّ بين جبلين، وفي الجبلين نقوب كثيرة لا تحصى مملوءة أمواتا.
ومن هناك إلى بحر القلزم مرحلة واحدة، ويقال له هناك ساحل بحر فاران، وهو البحر الذي أغرق اللّه فيه فرعون. وبين مدينة فاران والتّيه مرحلتان.
ويذكر أنّ فاران اسم لجبال مكّة، وقيل اسم لجبال الحجاز، وهي التي ذكرت في التّوراة (٣).
والتّحقيق أنّ فاران والطّور كورتان من كور مصر القبليّة، وهي غير فاران المذكورة في التّوراة.
وقيل إنّ فاران بن عمرو بن عمليق هو الذي نسب إليه جبال الحرم، فقيل جبال فاران، وبعضهم يقول جبال فران. (b)) والمشهور أنّ فران هو فران بن بلي بن عمرو بن إلحاف إليه ينسب معدن فران (b).
وكانت مدينة فاران من جملة مدائن مدين وبها إلى اليوم نخل (c) كثير مثمر أكلت من ثمره، وبها نهر عظيم، وهي خراب يمرّ بها العربان.
(a) بولاق: زباء. (b-b)) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: وبها نخل كثير. (١) انظر فيما تقدم ٣٨٩. (٢) اندثرت اليوم هذه المدينة وكانت واقعة في وادي فاران الذي يعرف اليوم بوادي فيران بين سلسلة جبال طور سيناء في محافظة جنوب سيناء (محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٣٤٢: ١). (٣) ياقوت: معجم البلدان ٢٢٥: ٤ نقلا عن القضاعي.