للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا استبدّ الملك الظّاهر برقوق بالسّلطنة، عقد لنفسه مجلسا بالإسطبل السّلطاني من قلعة الجبل، وجلس فيه يوم الأحد ثامن عشرين شهر رمضان سنة تسع وثمانين وسبع مائة، وواظب ذلك في يومي الأحد والأربعاء، ونظر في الجليل والحقير؛ ثم حوّل ذلك إلى يومي الثلاثاء والسبت، وأضاف إليهما يوم الجمعة بعد العصر، وما زال على ذلك حتّى مات. فلمّا ولي ابنه الملك النّاصر فرج بعده، واستبدّ بأمره جلس للنّظر في المظالم بالإسطبل اقتداء بأبيه، وصار كاتب السّرّ فتح الدّين فتح اللّه يقرأ القصص عليه، كما كان يقرأها على أبيه، فانتفع أناس وتضرّر آخرون بذلك، وكان الضّرر أضعاف النّفع. ثم لمّا استبدّ الملك المؤيّد شيخ بالمملكة، جلس أيضا للنّظر في المظالم كما جلسا. والأمر على ذلك مستمرّ إلى وقتنا هذا، وهو سنة تسع عشرة وثمان مائة (١).

وقد عرف النّظر في المظالم منذ عهد الدّولة التّركية بديار مصر والشّام ب «حكم السّياسة»، وهو يرجع إلى نائب السّلطنة وحاجب الحجّاب ووالي البلد ومتولّي الحرب بالأعمال. وسيرد الكلام في حكم السّياسة عن قريب إن شاء اللّه (٢).

[ذكر خدمة الإيوان المعروف بدار العدل -]

كانت العادة أنّ السّلطان يجلس بهذا الإيوان بكرة الاثنين والخميس طول السّنة، خلا شهر رمضان فإنّه لا يجلس فيه هذا المجلس. وجلوسه هذا إنّما هو للمظالم، وفيه تكون الخدمة العامّة واستحضار رسل الملوك غالبا. فإذا جلس للمظالم، كان جلوسه على كرسي إذا قعد عليه يكاد تلحق الأرض رجله، وهو منصوب إلى جانب المنبر الذي هو تخت الملك وسرير السّلطنة. وكانت العادة أوّلا أن يجلس قضاة القضاة من المذاهب الأربعة/ عن يمينه، وأكبرهم الشّافعي وهو الذي يلي السّلطان، ثم إلى جانب الشّافعي الحنفي، ثم المالكي، ثم الحنبلي، وإلى جانب الحنبلي الوكيل عن بيت المال، ثم الناظر في الحسبة بالقاهرة. ويجلس على يسار السّلطان كاتب السّرّ، وقدّامه ناظر الجيش، وجماعة الموقّعين المعروفين بكتّاب الدّست، وموقّعي الدّست تكملة حلقة دائرة. فإن كان الوزير من a في هامش آياصوفيا: بياض.


= Mamluks، Netherlands Institut-Istanbul ١٩٨٥.
(١) انظر فيما تقدم ٦٤٧.
(٢) فيما يلي ٧١٣ - ٧١٨.