للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آق سنقر السّلاري

الأمير شمس الدّين (١) - أحد مماليك السّلطان الملك المنصور قلاوون. ولمّا فرّقت المماليك في نيابة كتبغا على الأمراء، صار الأمير آق سنقر إلى الأمير سلار، فقيل له السّلاري لذلك. ولمّا عاد الملك النّاصر محمد بن قلاوون من الكرك، اختصّ به، ورقّاه في الخدم حتى صار أحد الأمراء المقدّمين، وزوّجه بابنته، وأخرجه لنيابة صفد، فباشرها بعفّة إلى الغاية، ثم نقله من نيابة صفد إلى نيابة غزّة.

فلمّا مات النّاصر، وأقيم من بعده ابنه الملك المنصور أبو بكر، وخلع بالأشرف كجك، وجاء الفخريّ لحصار الكرك؛ قام آق سنقر بنصرة أحمد ابن السّلطان في الباطن. وتوجّه الفخري إلى دمشق لمّا توجّه ألطنبغا إلى حلب ليطرد طشتمر نائب حلب، فاجتمع به وقوّى عزمه، وقال له:

توجّه أنت إلى دمشق واملكها، وأنا أحفظ لك غزّة.

وقام في هذه الواقعة قياما عظيما، وأمسك الدّروب، فلم يحضر أحد من الشّام أو مصر، من البريد وغيره، إلاّ وقبض عليه وحمل إلى الكرك، وحلف النّاس للنّاصر أحمد، وقام بأمره ظاهرا وباطنا، ثم جاء إلى الفخري وهو على خان لاجين، وقوّى عزمه وعضّده، وما زال عنده بدمشق إلى أن جاء ألطنبغا من حلب والتقوا، وهرب ألطنبغا، فاتّبعه آق سنقر إلى غزّة وأقام بها، ووصلت العساكر الشّاميّة إلى مصر.

فلمّا أمسك النّاصر أحمد طشتمر النّائب، وتوجّه به إلى الكرك، أعطى نيابة ديار مصر لآق سنقر، فباشر النّيابة وأحمد في الكرك. إلى أن ملك الملك الصّالح إسماعيل بن محمد، فأقرّه على النّيابة، وسار فيها سيرة مشكورة. فكان لا يمنع أحدا شيئا طلبه كائنا من كان، ولا يردّ سائلا يسأل ولو كان ذلك غير ممكن، فارتزق النّاس في أيّامه، واتّسعت أحوالهم، وتقدّم من كان متأخّرا حتى كان النّاس يطلبون ما لا حاجة لهم به.

ثم إنّ الصّالح أمسكه هو وبيغرا أمير جاندار وأولاجا الحاجب وقراجا الحاجب، من أجل أنّهم نسبوا إلى الممالأة والمداجاة مع النّاصر أحمد، وذلك يوم الخميس رابع المحرّم


(١) منشئ الجامع المذكور هو الأمير آقسنقر النّاصري، المتوفى مقتولا بالقلعة تهبيرا بالسيوف يوم الأحد تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة ٧٤٨ هـ/ ١٣٤٧ م، لا آقسنقر السّلاري، المتوفى بعد سنة ٧٤٤ هـ/ ١٣٤٤ م، الذي ترجم له المقريزي هنا.
(راجع ترجمة الأمير آقسنقر النّاصري عند، الصفدي: أعيان العصر ٥٥٤: ١ - ٥٥٦، الوافي بالوفيات ٣١١: ٩ - ٣١٣؛ المقريزي: المقفى الكبير ٢٦٢: ٢ - ٢٦٣، السلوك ٧٥٤: ٢؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٤٢٥: ١؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٧٨: ١٠ - ١٨٠، المنهل الصافي ٤٩٦: ٢ - ٤٩٩).