هذا الجامع يعرف موضعه بالثّغرة (١) تحت قلعة الجبل خارج باب الوزير. أنشأه الأمير الوزير (a) سيف الدّين منجك اليوسفي في مدّة وزارته بديار مصر في سنة إحدى وخمسين وسبع مائة، وصنع فيه صهريجا فصار يعرف إلى اليوم ب «صهريج منجك»(٢)، ورتّب فيه صوفيّة، وقرّر لهم في كلّ يوم طعاما ولحما وخبزا، وفي كلّ شهر معلوما، وجعل فيه منبرا، ورتّب فيه خطيبا يصلّي بالنّاس فيه صلاة الجمعة.
وجعل على هذا الموضع عدّة أوقاف، منها ناحية بلقينة بالغربيّة (٣)، وكانت مرصدة برسم الحاشية، فقوّمت بخمسة وعشرين ألف دينار، فاشتراها من بيت المال
(a) ساقطة من بولاق. (١) ما يزال جامع منجك اليوسفي قائما داخل درب المنشكيّة المتفرّع من باب الوداع بالحطّابة بحري قلعة الجبل، ويسمّيه العامّة جامع المنشكيّة. بدأ في عمارته الأمير منجك اليوسفي سنة ٧٥٠ هـ/ ١٣٤٩ م، وأتمّه سنة ٧٥١ هـ/ ١٣٥٠ م، ويوجد على منبره سطران بالخطّ النّسخ المملوكي تفيد الفراغ منه سنة ٧٥٠ هـ/ ١٣٤٩ م نصّهما: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم - الآيات ١ - ٣ سورة الفتح - وكان الفراغ في شهور سنة خمسين وسبع مائة» van) Berchem، M.، CIA Egypte I، n ٠ ١٥٢; Wiet، G.، (RCEA XVI، n ٠ ٦٠٨٩. ومئذنة هذا الجامع من المآذن البديعة، وكان الجزء العلوي منها قد تهدّم فأعادت لجنة حفظ الآثار العربية بناءها سنة ١٩٤١، كما قامت اللجنة بترميم وإصلاح حشوات منبر الجامع. والجامع منفصل عن مئذنته التي تبعد عنه بنحو أربعة أمتار، وأيضا عن ميضأته التي كانت ضمن بناء الخانقاه التي أنشأها الأمير منجك تجاه الجامع. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٣١: ١١، ١٣٤)، مقلّدا في ذلك الأمراء بشتاك النّاصري وقوصون السّاقي وشيخو العمري. وقد تخرّبت الآن هذه الخانقاه وزالت تماما. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٦٣: ١٠ هـ ٢؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٢٨٠: ٥ - ٢٨١؛ عاصم محمد رزق: أطلس العمارة الإسلامية ٩٩٩: ٢ - ١٠١٤). والثّغرة هي المنطقة الواقعة بين شارع باب الوزير وشارع باب الوداع بالحطّابة بحري قلعة الجبل. (٢) ما يزال هذا الصّهريج (خزّان ماء) باقيا إلى الآن في وسط الجامع وتعلوه فسقيّة من الرّخام في وسطها فتحة الصّهريج. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢١٧: ١٠ هـ ٢). (٣) بلقينة: قرية من حوف مصر من كورة بنا (بنا أبو صير) يقال لها البوب. (ياقوت: معجم البلدان ٤٨٩: ١). وهي الآن إحدى قرى مركز المحلّة الكبرى بمحافظة الغربية. (محمد رمزي: القاموس الجغرافي ١٩: ٢/ ٢).