للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذه الدّار والحمّام قد هدمتا، وصار موضع الدّار الجامع المعروف بجامع ابن المغربي برأس سويقة الصّاحب وما يجاوره من دور ابن أبى شاكر (١)، وآخر ما بقي منها شيء هدمه الوزير الصّاحب تاج الدّين عبد الرّحيم بن الوزير الصّاحب فخر الدّين عبد اللّه بن تاج الدّين موسى بن أبي شاكر في رمضان سنة أربع وتسعين وسبع مائة (٢).

وابن قرقة هذا كان يتولّى الاستعمالات بدار الدّيباج وخزائن السّلاح، وكان ماهرا في علم الطّبّ والهندسة ونحو ذلك من علوم الأوائل. وقتله الخليفة الحافظ لدين اللّه من أجل أنّه دبّر السّمّ لابنه حسن بن الحافظ، عندما ثار الجند وطلبوا من الخليفة قتل ابنه حسن كما تقدّم ذكره (٣)، فلمّا سكنت الدّهماء قبض عليه الخليفة، واعتقله بخزانة البنود، وقتله في سنة تسع وعشرين وخمس مائة.

دار خوند (٤)

هذه الدّار من حقوق حارة زويلة، عرفت بالسّتّ الجليلة خوند أردوتكين ابنة نوغية السّلاح دار التّتري (٤). تزوّج بها الملك الأشرف خليل بن قلاوون ومات عنها، فتزوّجها من بعده أخوه الملك النّاصر محمد بن قلاوون، وولدت منه ولدين وماتا، ثم طلّقها ونزلت من القلعة، فسكنت هذه الدّار، وأنشأت لها تربة بالقرافة تعرف الآن بتربة السّتّ (٥)، وجعلت لها عدّة أوقاف.

وكانت من الخير على جانب عظيم، لها معروف وصدقات وإحسان عميم، وماتت ولها ما ينيف على الألف ما بين جارية وخادم أعتقتهم كلّهم، وخلّفت أموالا تخرج عن الحدّ في الكثرة، وكانت وفاتها في ليلة السبت ثالث عشرين المحرّم سنة أربع وعشرين وسبع مائة، ودفنت بتربتها.

فتقدّم أمر السّلطان للأمراء والقضاة لشهود جنازتها، وحمل ما تركته من الجواهر والأموال.


= الزاهرة ٢٤٣: ٥؛ وفيما تقدم ١٢: ٧١.
(١) فيما يلي ٣٢٨: ٢.
(٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٣٩٧، ٤٠٦.
(٣) فيما تقدم ٥٢.
(٤) عن خوند أردوكين (أردوتكين، أردكين) انظر فيما تقدم ١٦٤.
(٥) مازالت تربة خوند أردوكين موجودة إلى الآن في الصحراء خارج باب القرافة ومسجلة بالآثار برقم ٣٠٠. ذكرها ابن الزّيّات في الكواكب السيارة ٢٨٤ بين تربة محمود وتربة القدّوري، وتعرف اليوم بين العامّة باسم «قبّة وإيوان المنوفي». (راجع، al-Harithy، H.، «Turbat al- Sitt: An Identification» in Beherns-Abouseif، D.
(ed.)، The Cairo Heritage-Essays in Honor of Laila Ali Ibrahim، Cairo AUC ٢٠٠٠، pp. ١٠٢ - ٢١؛ وانظر أيضا فيما يلي ٣٩٨).