تعدّ المخطوطات الإسلامية السّجلّ الحافل الذي يجمع خلاصة ما أنتجه الفكر العربي والإسلامي على امتداد أربعة عشر قرنا. وكان إحياء هذه المخطوطات في عصر الطّباعة بنشرها نشرا علميّا وتوفيرها لجمهور أكبر من العلماء والباحثين والقرّاء، عملا بدأه المستشرقون ثم قام بعبئه العلماء العرب والمسلمون.
ورأت «مؤسّسة الفرقان للتراث الإسلامي» أن تساهم في هذا المجال المهمّ بنشر بعض المخطوطات القديمة في تحقيقات جديدة تواكب ما وصل إليه علم المخطوطات الحديث، وتدفع بالقديم من تراثنا إلى طريق حضارة إنسانية شاملة.
والكتاب الذي تقدّم المؤسّسة اليوم «كشّافاته التّحليلية»، وهو كتاب «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار»، لشيخ مؤرّخي مصر الإسلامية تقيّ الدين أبي العباس أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي، المتوفى سنة ٨٤٥ هـ/ ١٤٤٢ م، يعدّ أحد مفاخر التّراث العربي وأهمّ مصادر تاريخ مصر الإسلامية، فهو مصدر لا غنى عنه لدارسي تاريخ مصر الإسلامية وآثارها؛ فقد حفظ لنا المقريزي في هذا الكتاب - إضافة إلى ملاحظاته الشّخصيّة - نقولا مهمّة للمؤلّفين القدماء الذين فقدت مؤلّفاتهم اليوم.
وقد عهدت المؤسّسة ممثّلة في مجلس الخبراء، إلى الدكتور أيمن فؤاد سيّد القيام بعبء إخراج هذا الكتاب، فهو من المتخصّصين في دراسة تاريخ مصر الإسلامية وتاريخ القاهرة، حيث كتب أطروحة عن «عاصمة مصر حتى نهاية عصر الفاطميين»، ونشر العديد من مصادر التاريخ المصري في العصر الفاطمي، وكتب تقييما جديدا للدّولة الفاطمية في مصر، كما أنّه من خبراء علم المخطوطات وأصدر فيه كتابه «الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات».
وقام الدكتور أيمن فؤاد بتحقيق الكتاب اعتمادا على مسوّدات المؤلّف التي كتبها بخطّه، وعلى أقدم نسخ الكتاب وأهمّها المنقولة عن خطّ المؤلّف، وأضاف إليه شروحا