عندي لذكرك ما بقيت مخلّدا … سحّ الدّموع ونفثة المصدور
[كافور الإخشيدي -]
كان عبدا أسود خصيّا (١)، مثقوب الشّفّة السّفلى، بطينا قبيح القدمين ثقيل البدن؛ جلب إلى مصر وعمره عشر سنين فما فوقها في سنة عشر وثلاث مائة. فلمّا دخل إلى مصر تمنّى أن يكون أميرها، فباعه الذي جلبه لمحمد بن هاشم، أحد المتقبّلين للضّياع، فباعه لابن عبّاس الكاتب. فمرّ يوما بمصر على منجّم، فنظر له في نجومه وقال له: أنت تصير إلى رجل جليل القدر، وتبلغ معه مبلغا عظيما. فدفع إليه درهمين لم يكن معه سواهما، فرمى بهما إليه وقال: أبشّرك بهذه البشارة وتعطيني درهمين. ثم قال له: وأزيدك، أنت تملك هذه البلد وأكثر منه، فاذكرني.
واتّفق أنّ ابن عبّاس الكاتب أرسله بهديّة يوما إلى الأمير أبي بكر محمد بن طغج الإخشيد - وهو يومئذ أحد قوّاد تكين أمير مصر - فأخذ كافورا وردّ الهديّة، فترقّى عنده في الخدم حتى صار من أخصّ خدمه.
ولمّا مات الإخشيد بدمشق ضبط كافور/ الأمور، ودارى النّاس ووعدهم، إلى أن سكنت الدّهماء بعد أن اضطرب النّاس، وجهّز أستاذه وحمله إلى بيت المقدس، وسار إلى مصر فدخلها.
وقد انعقد الأمر بعد الإخشيد لابنه أبي القاسم أونوجور، فلم يكن بأسرع من ورود الخبر من دمشق بأنّ سيف الدّولة عليّ بن حمدان أخذها وسار إلى الرّملة. فخرج كافور بالعساكر،
(١) انظر ترجمة كافور عند، ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب ١٩٩ - ٢٠١؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٩٩: ٤ - ١٠٥؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ١٩٠: ١٦ - ١٩٣؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٣٠٥: ٢٤ - ٣١٠؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١: ٤ - ١٠؛ حسن إبراهيم حسن: «كافور الإخشيد»، مجلة كلية الآداب - جامعة فؤاد الأول ٦ (مايو ١٩٤٢)، ٢٣ - ٤٥؛ سيدة كاشف: مصر في عصر الإخشيديين، القاهرة ١٩٧٠، ١٣٤ - ١٥٨؛ Ehernkreutz، A.S.، El ٢ art.Kafur IV، pp. ٤٣٦ - ٣٧.