للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضربت الدّبادب (a) - وهي الطّبول - على باب مضربه في وقت كلّ صلاة، وسار فظفر وغنم.

ثم قدم إلى مصر وقد عظم، فقام بخلافة أونوجور، فخاطبه القوّاد ب «الأستاذ»، وصار القوّاد يجتمعون عنده في داره، فيخلع عليهم ويحملهم ويعطيهم، حتى إنّه وقّع لجانك - أحد القوّاد الإخشيدية - في يوم بأربعة عشر ألف دينار، فما زال عبدا له حتى مات.

وانبسطت يده في الدّولة، فعزل وولّى وأعطى وحرم، ودعي له على المنابر كلّها إلاّ منبر مصر والرّملة وطبريّة، ثم دعي له بها في سنة أربعين وثلاث مائة، وصار يجلس للمظالم في كلّ سبت، ويحضر مجلسه (b)) الوزراء و (b) القضاة والشّهود ووجوه البلد. فوقع بينه وبين الأمير أونوجور، وتحرّز كلّ منهما من الآخر، وقويت الوحشة بينهما، وافترق الجند فصار مع كلّ واحد طائفة.

واتّفق موت أونوجور في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وثلاث مائة - ويقال إنه سمّه - فأقام أخاه أبا الحسن عليّ بن الإخشيد من بعده، واستبدّ بالأمر دونه، وأطلق له في كلّ سنة أربع مائة ألف دينار، واستقلّ بسائر أحوال مصر والشّام. ففسد ما بينه وبين الأمير أبي الحسن عليّ، فضيّق عليه كافور، ومنع أن يدخل عليه أحد، فاعتلّ بعلّة أخيه ومات - وقد طالت به - في محرّم سنة خمس وخمسين وثلاث مائة فبقيت مصر بغير أمير أيّاما لا يدعى فيها سوى للخليفة المطيع فقط، وكافور يدبّر أمر مصر والشّام في الخراج والرّجال.

فلمّا كان لأربع بقين من المحرّم المذكور، أخرج كافور كتابا من الخليفة المطيع بتقليده بعد عليّ ابن الإخشيد. فلم يغيّر لقبه ب «الأستاذ»، ودعي له على المنبر بعد الخليفة.

وكانت له في أيّامه قصص عظام، وقدم عسكر من المعزّ لدين اللّه أبي تميم معد من المغرب إلى الواحات، فجهّز إليه جيشا أخرجوا العسكر وقتلوا منهم، وصارت الطّبول تضرب على بابه خمس مرّات في اليوم والليلة، وعدّتها مائة طبلة من نحاس.

وقدمت عليه دعاة المعزّ لدين اللّه من بلاد المغرب يدعونه إلى طاعته فلاطفهم، وكان أكثر الإخشيديّة والكافوريّة وسائر الأولياء والكتّاب قد أخذت عليهم البيعة للمعزّ (١).


(a) بولاق: وضرب الدباديب.
(b-b) ساقطة من بولاق.
(١) وصلت إلينا ثلاثة دنانير فاطمية تحمل مكان الضّرب (مصر)، مؤرّخة في السنوات ٣٤١ هـ/ ٩٥٢ م، -