للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصر مدّ النّيل في أيّامه، فلم يبلغ تلك السّنة سوى اثني عشر ذراعا وأصابع. فاشتدّ الغلاء، وفحش الموت في النّاس حتى عجزوا عن تكفينهم ومواراتهم (١).

وأرجف بمسير القرامطة إلى الشّام، وبدت غلمانه تتنكّر له، وكانوا ألفا وسبعين غلاما تركيّا سوى الرّوم والمولّدين، فمات لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاث مائة عن ستين سنة؛ فوجد له من العين سبع مائة ألف دينار، ومن الورق والحليّ والجوهر والعنبر والطّيب والثّياب والآلات والفرش والخيام والعبيد والجواري والدّواب ما قوّم بستّ مائة ألف ألف دينار.

وكانت مدّة تدبيره أمر مصر والشّام والحرمين إحدى وعشرين سنة وشهرين وعشرين يوما، منها منفردا بالولاية بعد أولاد أستاذه سنتان وأربعة أشهر وتسعة أيام. ومات عن غير وصيّة ولا صدقة ولا مأثرة يذكر بها، ودعي له على المنابر بالكنية التي كنّاه بها الخليفة، وهي «أبو المسك»، أربع عشرة جمعة. وبعده اختلّت مصر، وكادت تدمّر، حتى قدمت جيوش المعزّ على يد القائد جوهر، فصارت مصر دار خلافة (٢).

ووجد على قبره مكتوب:

[البسيط]

ما بال قبرك يا كافور منفردا … بالصّحصح المرت (a) بعد العسكر اللّجب

يدوس قبرك أدنى الرّجال وقد … كانت أسود الشّرى تخشاك في الكتب (٣)

ووجد أيضا:


(a) بولاق: بصائح الموت. ٣٤٣ هـ/ ٩٥٤ م، ٣٥٣ هـ/ ٩٦٤ م ضربت - كما هو واضح - قبل وصول الفاطميين إلى مصر تدلّ على فعالية الدّعاية الفاطمية في مصر في عهد كافور، وكان الغرض منها ترويجها بواسطة الدّعاة على الأفراد الذين يتوسّمون فيهم الاستجابة للدّعوة، يؤكّد ذلك ما ذكره أبو المحاسن من أنّ أمور الديار المصرية قد اضطربت في أواخر عهد الإخشيديين «بسبب المغاربة أعوان الخلفاء الفاطميين الواردين إليها من المغرب» (النجوم الزاهرة ٣٢٦: ٣ وانظر محمد أبو الفرج العش: «مصر، القاهرة على النقود العربية الإسلامية»، أبحاث الندوة الدولية لألفية القاهرة ٩١١، ٩١٢، ٩٤٧، ٩٤٨؛ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ١٢٩ - ١٣٠).
(١) المقريزي: إغاثة الأمة ١٢، ١٣.
(٢) انظر عن ملابسات هذه الفترة، المقريزي: المقفى الكبير ٥٣٦: ١ - ٥٤١، ٣٤٣: ٣ - ٣٤٦؛ Bianquis، Th.، «L'acte de succession de Kafur d'apres Maqrizi» An.Isl.XII (١٩٧٤)، PP. ٢٦٣ - ٦٩.
(٣) على هامش آياصوفيا: «الصّحصاح ما انجرد من -