للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما زال معظّما في كلّ دولة، بحيث أنّ الملك الصّالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون كتب له عنه «الأتابكي الوالدي البدري»، وزادت وجاهته في أيّامه إلى أن مات يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجّة سنة ستّ وأربعين وسبع مائة.

وكان شكلا مليحا حليما، كثير المعروف والجود، عفيفا لا يستخدم مملوكا أمرد ألبتّة، واقتصر من النّساء على امرأته التي قدمت معه إلى مصر ومنها أولاده. وكان يحبّ العلم وأهله، ويطارح بمسائل علمية، ويعرف ربع (a) العبادات ويجيده، ويتكلّم على الخلاف فيه، ويميل إلى الشّيخ تقيّ الدّين أحمد بن تيميّة، ويعادي من يعاديه، ويكرم أصحابه ويكتب كلامه، مع كثرة الإحسان إلى النّاس بماله وجاهه. وكان ينتسب إلى إبراهيم بن أدهم (١)، وهو من محاسن الدّولة التّركيّة، .

[حكر الخازن]

هذا المكان، فيما بين بركة الفيل وخطّ الجامع الطّولوني، كان من جملة البساتين، ثم صار إسطبلا للجوق الذي فيه خيول المماليك السّلطانيّة. فلمّا تسلطن الملك العادل كتبغا أخرج منه الخيول، وعمّره (b) ميدانا يشرف على بركة الفيل في سنة خمس وتسعين وستّ مائة، ونزل إليه ولعب فيه بالكرة (c) أيّام سلطنته كلّها إلى أن خلعه الملك المنصور لاجين، وقام في الملك من بعده، فأهمل أمره.

وعمّر فيه الأمير علم الدّين سنجر الخازن والي القاهرة بيتا (d)، فعرف من حينئذ بحكر الخازن، وتبعه النّاس في البناء هناك، وأنشأوا فيه الدّور الجليلة. فصار من أجلّ الأخطاط وأعمرها، وأكثر من يسكن به الأمراء والمماليك.

(e)) ومن جملة الميدان المذكور إسطبل بكتمر السّاقي تجاه الكبش على بركة الفيل (e) (٢).


(a) آياصوفيا: خطبه.
(b) بولاق: عمله.
(c) بولاق: بالأكرة.
(d) العبارة في المسودة: وأوّل من أنشأ في هذا المكان بيتا الأمير علم الدّين سنجر الخازن والي القاهرة.
(e-e) إضافة من مسودة الخطط.
(١) إبراهيم بن أدهم بن منصور بن يزيد الزّاهد، المتوفى سنة ١٦١ هـ/ ٧٧٨ م. (أبو نعيم: حلية الأولياء ٣٦٥: ٧ حتى ٥٨: ٨؛ السلمي: طبقات الصوفية ١٣؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٣٨٧: ٧ - ٣٩٦؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٣١٨: ٥ - ٣١٩؛ المقريزي: المقفى الكبير ٤٥: ١ - ٩٠).
(٢) المقريزي: مسودة الخطط ٤٦ و؛ وانظر فيما يلي -