بضع وعشرون سنة، ولم يكن قبله ولا بعده في الدّولة التّركيّة مثله.
[جامع القرافة]
هذا الجامع يعرف الآن ب «جامع الأولياء» وهو بالقرافة الكبرى، وكان موضعه يعرف في القديم عند فتح مصر بخطّة المعافر (a)، وهو مسجد بني عبد اللّه بن ماتع بن موزع، يعرف بمسجد القبّة (١).
قال القضاعيّ: كان القرّاء يحضرون فيه، ثم بني عليه المسجد الجامع الجديد بنته السّيّدة المعزّيّة في سنة ستّ وستين وثلاث مائة - وهي أمّ العزيز باللّه نزار ولد المعزّ لدين اللّه: أمّ ولد من المغرب (b) يقال لها تغريد، وتدعى درزان - وبنته على يد الحسن بن عبد العزيز الفارسي المحتسب (٢) في شهر رمضان من السنة المذكورة. وهو على نحو بناء الجامع الأزهر بالقاهرة.
وكان بهذا الجامع بستان لطيف في غربيه وصهريج. وبابه - الذي يدخل منه ذو المساطب الكبير الأوسط، تحت المنار العالي الذي عليه، مصفّح بالحديد إلى حضرة المحراب. والمقصورة من عدّة أبواب، وعدّتها أربعة عشر بابا مربعة مطويّة (c) الأبواب، قدّام كلّ باب قنطرة قوس على عمودي رخام ثلاثة صفوف. وهو مكندج مزوّق باللازورد والزّنجفر والزّنجار وأنواع الأصباغ، وفيه مواضع مدهونة، والسّقوف مزوّقة ملوّنة كلّها، والحنايا والعقود التي على العمد مزوّقة
(a) بولاق: المغافر. (b) بولاق: العرب. (c) بولاق: مطوّبة. (١) جامع القرافة المعروف ب «جامع الأولياء»، يقع في الطّرف الجنوبي للقرافة الكبرى عند الحدّ الجنوبي الشّرقي للفسطاط قبلي عين الصّيرة، شاهد منه علي مبارك في نهاية القرن التاسع عشر بعض جدرانه، وصار هو وما حوله مقابر على صورة حوش كبير اشتهر ب «حوش الأولياء» و «حوش أبي علي». ويقع بجواره من الجهة البحرية الأطلال المعروفة ب «الخضرة الشّريفة» المسجلة بالآثار برقم ٤٧٤. (راجع، (Fu'ad Sayyid، A.، op.cit.، p. ٦٤٦. ويوجد في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة نقش على الحجر كشف في منطقة إسطبل عنتر نحو سنة ١٩٣٠، يحمل كتابة كوفية مكوّنة من عشرة أسطر بالكتابة البارزة مليء بالسّقط وارد فيه اسم السيدة والدة الإمام العزيز باللّه، يظنّ أنّ مصدره جامع القرافة. Wiet، G.،) Inscriptions historiques sur pierre، pp. ٣٣ - ٣٤ (n ٠ ٥٠. (٢) الحسن بن عبد العزيز الفارسي المحتسب هو المشرف على بناء الجامع لا مهندس الجامع كما ظنّ بعض الباحثين، فكانت مهمّته مثل مهمّة «شادّ العمائر» أو «ناظر العمارة» في العصر المملوكي.