للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجامع، وهو الآن قائم وجميع ما حوله داثر، وعمّا قليل يدثر (١).

[جامع القلعة]

[أثر رقم ١٤٣]

هذا الجامع بقلعة الجبل، أنشأه الملك النّاصر محمد بن قلاوون في سنة ثمان عشرة وسبع مائة (٢). وكان أوّلا مكانه جامع قديم، وبجواره المطبخ السّلطاني والحوائج خاناه والطّشت خاناه


(١) جامع كراي. سمّاه أبو المحاسن: «جامع الأمير كراي المنصوري بآخر الحسينيّة». (النجوم الزاهرة ٢٠٠: ٩)، وكان هذا الجامع عامرا حتى القرن العاشر الهجري فقد كان مقيما فيه الشيخ محمد العجمي، المتوفى سنة ٨٩٧ هـ/ ١٤٩٢ م (ابن إياس: بدائع الزهور ٧: ٢٩٢: ٣). وذكر علي باشا مبارك أنّ آثار هذا الجامع قد زالت بالكلية في وقته وموضعه كيمان في خارج باب النّصر (الخطط التوفيقية ٢١٢: ٥). ولكن محمد رمزي حدّد مكان هذا الجامع بالجامع المعروف الآن باسم جامع الكومي - نسبة إلى الشّيخ علي الكومي المدفون فيه - الواقع في شارع الوايلية الصغرى بقسم الوايلي، والذي جدّده في سنة ١٢٧٣ هـ/ ١٨٥٦ م رجل يعرف بمحمد حسين البيّومي (الخطط التوفيقية ٢١٦: ٥ - ٢١٧ (٩٥)، ثم جدّده ديوان الأوقاف سنة ١٣٢٥ هـ/ ١٩٠٧ م (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠٠: ٩ هـ ١).
(٢) جامع القلعة. ذكر ابن أيبك أنّ النّاصر محمد أحضر لهذا الجامع أعمدة عظيمة كانت منسيّة بمدينة الأشمونين بالوجه القبلي كانت في البربا التي بمدينة الأشمونين، نقلها الأمير سيف الدّين أروس بغا النّاصري وسخّر لذلك عددا كبيرا من المهندسين والعتّالين والحجّارين (كنز الدرر ٣٨٢: ٩ - ٣٨٣). والجامع مبني على طراز المساجد الجامعة: صحن مكشوف محيط به أربعة إيوانات ذات أروقة أكبرها إيوان القبلة. وكان يعلو إيوان القبلة قبّة شاهقة عرفت بالقبّة الخضراء لأنّها كانت مكسوة ببلاطات من القاشاني الأخضر الملوّن، وقد سقطت هذه القبّة على المحراب والمنبر في عصر السّلطان الأشرف قايتباي سنة ٨٩٣ هـ/ ١٤٨٨ م فأعاد بناءها كما جدّد قايتباي منبر الجامع وجعله من الرّخام الملوّن بعد أن كان من الخشب. (ابن إياس: بدائع الزهور ٢٤٥: ٣).
والجامع بني مرّتين في عهد النّاصر محمد بن قلاوون: الأولى سنة ٧١٨ هـ/ ١٣١٨ م وتخلّف عنها نصّ تأسيسي من أربعة أسطر بالخطّ النّسخ المملوكي على لوح من الحجر الكلسي نصّه:
«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، أمر بإنشاء هذا الجامع المبارك السّعيد، لوجه اللّه تعالى، سيّدنا ومولانا السّلطان الملك النّاصر، ناصر الدّنيا والدّين، محمد بن مولانا السّلطان الشّهيد قلاوون الصّالحي في شهور سنة ثمانية عشر وسبع مائة من الهجرة النّبويّة». van Berchem، M.، CIA Egypte I، n ٠) (١١٢; Wiet، G.، RCEA XIV، n ٠ ٥٣٩٨
وبقاء هذا النّصّ يدلّ على أنّ ما قام به النّاصر محمد في سنة ٧٣٥ هـ/ ١٣٣٤ م هو تجديد إيوان القبلة والقبّة التي تعلوه فقط، ولم يعد بناء الجامع بأكمله، حيث يوجد شريط من الخشب المحفور في قاعدة القبة أعلى المحراب يحمل النّصّ التالي:
«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم - الآية ٧٦ سورة الحج، والآية ١٨ سورة التوبة - ممّا أمر بإنشائه مولانا السّلطان الملك النّاصر ابن مولانا السّلطان الشّهيد المرحوم الملك -