الشّجرة، وأنّها لم تزل ذات أغصان نضرة، وساق صاعد في السّماء، مع حسن استواء وثخن في استقامة (١)، إلى أن أنشأ الملك الأشرف شعبان بن حسين مدرسته تحت القلعة، فذكر له حسن هذه الشّجرة، فتقدّم بقطعها لينتفع بها في العمارة، فمضوا إلى ما أمروا به من ذلك، فأصبحت وقد تكوّرت وتعقّفت، وصارت شنيعة المنظر، فتركوها، واستمرّت كذلك مدّة (٢). فاتّفق أن زنى يهودي بيهودية تحتها، فتهدّلت أغصانها، وتحاتّ ورقها، وجفّت حتى لم يبق بها ورقة خضراء، وهي باقية كذلك إلى يومنا هذا.
ولهذه الكنيسة عيد يرحل اليهود بأهاليهم إليها في «عيد الخطاب»، وهو في شهر سيوان، ويجعلون ذلك بدل حجّهم إلى القدس (٣).
وقد كان لموسى ﵇ أنباء قد قصّها اللّه تعالى في القرآن الكريم وفي التّوراة، وروى أهل الكتاب وعلماء الأخبار من المسلمين كثيرا منها (٤). وسأقصّ عليك في هذا الموضع منها ما فيه كفاية، إذ كان ذلك من شرط هذا الكتاب.
[موسى بن عمران]
وفي التّوراة: عمرام بن قاهت (a) بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن، صلوات اللّه وسلامه عليهم، أمّه يونابذ (b) بنت لاوي، فهي عمّة عمران والد موسى (٥). ولد بمصر في اليوم السابع من شهر آذار سنة ثلاثين ومائة لدخول يعقوب على يوسف، ﵉ بمصر (٦).
(a) كذا في النسخ، وفي التوراة قهات. (b) بولاق: يوحانذ، وفي التوراة: يوكابد. (١) بنيامين التطيلي: الرحلة، ترجمة وتعليق عزرا حدّاد، بغداد ١٣٨٤ هـ، ١٧٥. (٢) فيما تقدم ٦٦١. (٣) فيما يلي ٩٤٨. (٤) على الأخصّ الثعلبي: قصص الأنبياء ١٤٧ - ٢٢١؛ المسعودي: مروج الذهب ٥٤: ١ - ٥٦؛ ابن العبري: تاريخ مختصر الدول ١٦ - ٢٠؛ النويري: نهاية الأرب ١٧٣: ١٣ - ٢٧٧؛ وانظر كذلك. Heller، B.، El ٢ art. Musa VII، pp. ٦٣٨ - ٣٩.L ٢ (٥) التوراة، سفر العدد، ٥٨/ ٢٦ - ٥٩. (٦) ولد موسى ﵇ بعد مائة وثلاثين عاما من دخول يعقوب ﵇ إلى مصر، وبما أنّه كان في سنّ الثمانين وقت خروج بني إسرائيل من مصر، فيكون مجموع ذلك مائتين وعشر سنين، هي فترة إقامة بني إسرائيل في مصر. وبذلك تتّفق رواية المقريزي تقريبا مع ما جاء في التّوراة.