للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلق محلاّ للسّرور والهنا … فيه مقام للتّقى والزّهد

نسيمه يقول في مسيره … تنبّهي يا عذبات الرّند

وروضه الرّيّان من خليجه … يقول دع ذكر أراضي نجد

[خانقاه أرسلان]

هذه الخانقاه (a) على شاطئ النيل (a) فيما بين القاهرة ومصر، من جملة أراضي منشأة المهراني.

أنشأها الأمير بهاء الدّين أرسلان الدّوادار.

أرسلان الأمير بهاء الدّين الدّوادار الناصري -

كان أوّلا عند الأمير سلار أيّام نيابته مصر، خصيصا به حظيّا عنده. فلمّا قدم الملك الناصر محمد بن قلاوون من الكرك بعساكر الشّام، ونزل بالرّيدانية ظاهر القاهرة في شهر رمضان سنة تسع وسبع مائة، اطّلع أرسلان على أنّ جماعة قد اتّفقوا على أن يهجموا على السّلطان، ويفتكوا به يوم العيد أوّل شوّال، فجاء إليه وعرّفه الحال، وقال له: اخرج السّاعة واطلع القلعة واملكها. فقام السّلطان وفتح باب سرّ الدّهليز، وخرج من غير الباب، وصعد قلعة الجبل، وجلس على سرير الملك، فرعى السّلطان له هذه المناصحة. ولمّا أخرج الأمير عزّ الدّين أيدمر الدّوادار من وظيفته، رتّب أرسلان في الدّوادارية.

وكان يكتب خطّا مليحا، ودرّبه القاضي علاء الدّين بن عبد الظّاهر وخرّجه وهذّبه، فصار يكتب بخطّه إلى كتّاب السّرّ عن السّلطان في المهمّات بعبارة مسدّدة وافية بالمقصود، واستولى على السّلطان بحيث لم يكن لغيره في أيّامه ذكر، ولم يشتهر فخر الدّين وكريم الدّين بعظمة إلاّ بعده، واجتهدا في إبعاده فما قدرا على ذلك.

وفي أيّام توليته الدّوادارية السّلطانية، أنشأ هذه الخانكاه على شاطئ النيل. وكان ينزل في كلّ ليلة ثلاثاء إليها من القلعة ويبيت بها، ويحتفل الناس للحضور إليها، ويرسل عن السّلطان إلى مهنّا أمير العرب، ونفع الناس نفعا كبيرا، وقلّدهم مننا جسيمة، ومات في ثالث عشرين شهر رمضان سنة سبع عشرة وسبع مائة، فوجد في تركته ألف ثوب أطلس، ونفائس كثيرة،


(a) (a-a) إضافة من المسوّدة.