للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الأمير ألطنبغا المارديني قد مرض، ونزل إلى الميدان السّلطاني فأقام به، ونزل إليه السّلطان مرارا. فبلغ المارديني ما يتحدّث به العامّة من أنّ السّلطان لم يخرّب قناطر السّباع إلاّ حتى تبقى باسمه، وأنّه رسم لابن المرواني أن يكسر سباع الحجر ويرميها في البحر.

واتّفق أنّه عوفي عقيب الفراغ من بناء القنطرة وركب إلى القلعة، فسرّ به السّلطان - وكان قد شغفه حبّا - فسأله عن حاله، وحادثه إلى أن جرى ذكر القنطرة، فقال له السّلطان: أعجبتك عمارتها؟ فقال: واللّه يا خوند لم يعمل مثلها، ولكن ما كملت؛ فقال: كيف؟ قال: السّباع التي كانت عليها لم توضع مكانها، والنّاس يتحدّثون أنّ السّلطان له غرض في إزالتها لكونها رنك سلطان غيره.

فامتعض لذلك، وأمر في الحال بإحضار ابن المرواني، وألزمه بإعادة السّباع على ما كانت عليه. فبادر إلى تركيبها في أماكنها، وهي باقية هناك إلى يومنا هذا؛ إلاّ أنّ الشّيخ محمدا، المعروف بصائم الدّهر، شوّه صورها كما فعل بوجه أبي الهول، ظنّا منه أنّ هذا الفعل من جملة القربات (١). وللّه درّ القائل:

[الرجز]

وإنّما غاية كلّ من وصل … صيد بني الدّنيا بأنواع الحيل

[قنطرة عمرشاه]

هذه القنطرة على الخليج الكبير بخطّ … (a)، يتوصّل منها إلى برّ الخليج الغربي (b) (٢).


(a) ساقطة من بولاق وبياض مقدار كلمة في آياصوفيا.
(b) في هامش آياصوفيا: بياض سبعة أسطر.
(١) انظر فيما تقدم ٣٣٣: ١؛ وفيما يلي ٥٦٧.
(٢) وردت هذه القنطرة بنفس الاسم على خريطة القاهرة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ T-١١،) (١٠٥، وظلّت موجودة وتعرف بقنطرة عمارشة، إلى سنة ١٨٩٨ التي ردم فيها القسم الأوسط من الخليج، وشاهدها محمد بك رمزي. ومكانها الآن تجاه مدخل حارة عمرشاه في شارع بورسعيد على يسار القادم من ميدان السّيّدة زينب، التي توصّل إلى سكّة سويقة اللالا. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٨٥: ١٠ هـ ١).