وبلغ أهل مصر، فأشاروا على عباد بحفر الخندق، فحفروا خندقا من النيل إلى الجبل، واحتفروا هذا الخندق العتيق. فكان القتال عليه أيّاما متفرّقة إلى أن قتل الأمين، وتمّت بيعة المأمون. ثم لم يحفر بعد ذلك إلى يومنا هذا (١).
وذكر ابن زولاق أنّ القائد جوهرا لمّا اختطّ القاهرة، وكثر الإرجاف بمسير القرامطة إلى مصر، حفر خندق السّريّ بن الحكم بباب مدينة مصر، وعمل عليه بابا في ذي القعدة سنة ستين وثلاث مائة، وحفر خندقا في وسط مقبرة مصر، وهو الخندق الذي حفره ابن جحدم. ابتدأ حفره من بركة الحبش حتى وصله بخندق عبد الرّحمن بن جحدم، حتى بلغ به قبر محمد بن إدريس الشّافعيّ، ثم حفر من الجبل إلى أن وصل لخندق ابن جحدم وسط المقابر، وبدأ به يوم السبت التاسع من شوّال سنة إحدى وستين وثلاث مائة، وفرغ منه في مدّة يسيرة.
القباب السّبع [أثر رقم ٤٧٣]
هذه القباب بآخر القرافة الكبرى ممّا يلي مدينة مصر (٢). قال ابن سعيد في كتاب «المغرب»:
والقباب السّبع، المشهورة بظاهر الفسطاط، هي مشاهد على سبعة من بني المغربي، قتلهم الخليفة الحاكم بعد فرار الوزير أبي القاسم الحسين بن عليّ بن المغربي إلى أبي الفتوح حسن ابن جعفر بمكّة. وفي ذلك يقول أبو القاسم بن المغربي:
(١) راجع، الكندي: ولاة مصر ١٧٥ - ١٧٧. (٢) توجد في المنطقة الخالية المتسعة الواقعة شرق طريق صلاح سالم على بعد نحو كيلومتر جنوب عين الصّيرة، مجموعة أطلال يطلق عليها العامّة اسم «السّبع بنات». فقد كان يوجد في هذا الموضع سبع قباب تضمّ رفات أعضاء أسرة بني المغربي الذين راحو ضحية لجنون الحاكم بأمر اللّه. وذكر ابن الزّيات السّبع قباب، وقال: إنّها على صفّ ذكرها ابن ميسّر في قصّة طويلة، وهم من الفاطميين. وقد ابتدأ صاحب «المصباح» بزيارة القرافة من هنا». (الكواكب السيارة ١٧٨؛ السخاوي: تحفة الأحباب ٢٩٣). وللأسف فإنّ نصّ ابن ميسّر الذي يشير إليه ابن الزّيّات لم يصل إلينا. ولا نستطيع أن نعيّن من بين هذه القباب الآن سوى أطلال ثلاث قباب على خطّ واحد، وأطلال قبّة رابعة إلى الجنوب تنحرف قليلا. وتمثّل القباب الأربعة نفس الشّكل ونفس الأبعاد. والقبّة الثالثة، الأكثر اكتمالا، تتكوّن من قاعة مربّعة طول كلّ ضلع منها ٤، ٩٥ مترا، وجدرانها الأربعة يتخلّلها في وسطها فتحة معقودة. وكانت هذه القباب في الأساس ست ترب ومع ذلك تعرف بالقباب السّبع، كما يذكر النويري (نهاية الأرب ١٨٧: ٢٨)، وذلك بسبب تربة سابعة توجد بالقرب منها هي تربة أبي الطاهر الإطفيحي (السخاوي: تحفة الأحباب ٢٩٣). وجعل -