ووجد له من بعده مال كثير جدّا، وأوصى إلى الأمير علاء الدّين عليّ الكوراني، وجعل الناظر على وصيّته الأمير أرغون نائب السّلطنة.
واتّفق أنّه لمّا فرغ من بناء هذه المدرسة أحضر إليه مباشروه حساب مصروفها، فلمّا قدّم إليه استدعى بطشت فيه ماء، وغسل أوراق الحساب بأسرها من غير أن يقف على شيء منها، وقال:
شيء خرجنا عنه للّه تعالى لا نحاسب عليه.
ولهذه المدرسة شبابيك في جدار الجامع تشرف عليه، ويتوصّل من بعضها إليه، وما عمل ذلك حتى استفتى الفقهاء فيه، فأفتوه بجواز فعله، وقد تداولت أيدي نظّار السّوء على أوقاف طيبرس هذا، فخرب أكثرها، وخرب الجامع والخانقاه، وبقيت هذه المدرسة عمّرها اللّه بذكره.
المدرسة الآقبغاويّة [أثر رقم ٩٧]
هذه المدرسة بجوار الجامع الأزهر، على يسرة من يدخل إليه من بابه الكبير البحري، وهي تشرف بشبابيك على الجامع مركّبة في جداره، فصارت تجاه المدرسة الطيبرسيّة. كان موضعها دار الأمير الكبير عزّ الدّين أيدمر الحلّي نائب السّلطنة في أيّام الملك الظّاهر بيبرس، وميضأة للجامع، فأنشأها الأمير علاء الدّين آقبغا عبد الواحد/ أستادّار السّلطان (a) الملك الناصر محمد ابن قلاوون، وجعل بجوارها قبّة ومنارة من حجر منحوت (b)، (c) وذلك في سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة (c) (١).
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: حجارة منحوتة. (c) (c-c) إضافة من المسوّدة. (١) تبعا للكتابة التاريخية الموجودة في التجويف العلوي لباب المدرسة وعلى القبّة ودائر المئذنة، فإنّ عمارة هذه المدرسة بدأت سنة ٧٣٩ هـ/ ١٣٣٩ م، وفرغ منها سنة ٧٤٠ هـ/ ١٣٤٠ م، ونصّ هذه الكتابة على التوالي: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ﴿إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اَللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَاَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ﴾. أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة المقرّ الأشرف العالي السّيفي آقبغا الأوحدي أستاذ الآدرّ العالية الملكي الناصري. وكان ابتداء العمل المبارك في سنة تسع وثلاثين وسبع مائة». «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. أمر بإنشاء هذه القبّة المباركة المقرّ الأشرف العالي المولوي الأميري السّيفي آقبغا الأوحدي الملكي الناصري. وكان الفراغ منه في المحرّم سنة أربعين وسبع مائة». «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. أمر بإنشاء هذه المأذنة -