وهي (a) أوّل مئذنة عملت بديار مصر من الحجر بعد المنصورية (١)، وإنّما كانت قبل ذلك تبنى بالآجر، بناها هي والمدرسة المعلّم ابن السّيوفي رئيس المهندسين في الأيّام الناصريّة، وهو الذي تولّى بناء جامع المارديني خارج باب زويلة، وبنى مئذنته أيضا.
وهي مدرسة مظلمة ليس عليها من بهجة المساجد ولا أنس بيوت العبادات شيء ألبتّة. وذلك أنّ آقبغا عبد الواحد اغتصب أرض هذه المدرسة، بأن أقرض ورثة أيدمر الحلّي مالا وأمهل حتّى تصرّفوا فيه، ثم أعسفهم في الطلب وألجأهم إلى أن أعطوه الدّار التي لهم (b)، فهدمها وبنى موضعها هذه المدرسة. وأضاف إلى اغتصابه البقعة أمثال ذلك من الظّلم، فبناها بأنواع من الغصب والعسف، وأخذ قطعة من سور الجامع حتى ساوى بها المدرسة الطيبرسيّة، وحشر لعملها الصّنّاع من البنّائين والنجّارين والحجّارين والمرخّمين والفعلة (c) الذين كانوا في عمائر السّلطان (c)، وقرّر مع الجميع أن يعمل كلّ منهم فيها يوما في كلّ أسبوع بغير أجرة. فكان يجتمع فيها كلّ (d) أسبوع سائر الصّنّاع الموجودين بالقاهرة ومصر، فيجدّون في العمل نهارهم كلّه بغير أجرة، وعليهم مملوك من مماليكه ولاّه شدّ العمارة، لم ير الناس أظلم منه ولا أعتى ولا أشدّ
(a) نصّ المسوّدة: وسمعت من يذكر أنّ مأذنتها. (b) دارهم. (c) (c-c) إضافة من المسوّدة. (d) بولاق: في كل. - المباركة المقرّ الكريم العالي المولوي الأميري الأجلّي السّيفي آقبغا الأوحدي أستاذ الدّار العالية الملكي الناصري، وذلك في سنة أربعين [وسبع مائة]». van Berchem،) راجع، الشجاعي: تاريخ الملك الناصر ٢٧ - ٢٨؛ المقريزي: السلوك ٤٥٥: ٢ - ٤٥٦؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١٤٣: ٩ - ١٤٤. وفي سنة ١١٦٧ هـ/ ١٧٥٣ م ألحقها الأمير عبد الرحمن كتخدا القازدغلي بالجامع الأزهر هي والمدرسة الطيبرسية، فأصبحت داخل بابه الغربي المعروف بباب المزيّنين على يسار الدّاخل منه. وفي أيّام الخديو عبّاس حلمي الثاني (١٨٩٢ - ١٩١٤ م) وقع تعديل في مبانيها الداخلية وجعلت مكتبة عامّة للجامع الأزهر. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٤٣: ٩ هـ ١، علي مبارك: الخطط التوفيقية ٤٥: ٤ - ٤٦ (١٨ - ١٩)؛ حسن عبد الوهاب: تاريخ المدارس الأثرية ٥٧ - ٥٨؛ Raymond، A.، op.cit.، p. (٢٣٩. وانتقلت المكتبة الأزهرية الآن إلى مبنى مستقلّ أنشئ في حديقة الخالدين بالدّرّاسة يقع بين مبنى مشيخة الأزهر ومبنى دار الإفتاء. والمتبقّي الآن من مباني المدرسة الأصلية مدخلها وواجهة القبّة ومحرابها، ومحراب المدرسة والمنارة التي أكملت إدارة حفظ الآثار العربية قمّتها سنة ١٩٤٥ م. (١) النصّ في المسوّدة: «وسمعت من يذكر أنّ مئذنتها أوّل مئذنة بنيت بالحجر بالقاهرة». وهذه المعلومة غير دقيقة فهناك مآذن كثيرة بنيت بالحجر قبلها مثل مئذنة جامع ابن طولون ومئذنتي جامع الحاكم بأمر اللّه.