للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(a)) ذكر ما كانت ظواهر القاهرة عليه وما صارت الأحوال إليه

اعلم أنّه لمّا نزل القائد جوهر في مناخه الذي أدار عليه السّور وصار مدينة تسمّى «القاهرة» في بحريّ مدينة الفسطاط، كان حينئذ في غربي القاهرة «الخليج الكبير» الذي كان يعرف في صدر الإسلام بخليج أمير المؤمنين ويعرف الآن بالخليج الحاكمي، وعليه بنى القائد جوهر القنطرة التي عليها «باب القنطرة» من أبواب القاهرة، وكان يتوصّل من فوق هذه القنطرة إلى القرية التي كانت تعرف عند الفتح بأمّ دنين وعرفت بعد ذلك ب «المقس». وكان المقس حينئذ على النّيل.

ونهر النّيل إلى حيث الجامع المعروف اليوم بجامع المقس الذي تسمّيه العامّة جامع المقسي بشاطئ الخليج النّاصري. وكان في قبلي المقس جنان الزّهري على حافة النّيل ممتدة من قريب المقس إلى حيث الموضع الذي كان يعرف بالحمراء القصوى ويعرف اليوم بخطّ قناطر السّباع حيث قناطر السّباع الآن إلى جبل الكبش وجبل يشكر وما يقابل ذلك إلى بركة الفيل وما دار به من بركة قارون إلى الموضع الذي كان يعرف بالكوم الأحمر وبستان منظرة السّكّرة المعروف الآن بالمريس ومنشأة المهراني، فإنّ ذلك كان بعضه فضاء في بحري الفسطاط مطلاّ على النّيل وبعضه عامرا على النّيل. ففي الفضاء عدّة كنائس من بناء الرّوم قبل الملّة الإسلامية، فلمّا كان الفتح على يد عمرو بن العاص في سنة عشرين من الهجرة صار هذا الفضاء يعرف ب «الحمراء القصوى» وفيه خطّة بني الأزرق وخطّة بني روبيل وخطّة بني يشكر بن جزيلة ولخم وبهم عرف جبل يشكر الذي عليه الجامع الطّولوني فإنّهم كانوا ينزلون هناك في الجبل. ثم دثرت هذه الخطّة وصارت فضاء، فلمّا زالت دولة بني أميّة ودخل صالح بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس وأبو عون عبد الملك ابن يزيد إلى مصر في طلب مروان بن محمد الجعدي الملقّب بالحمار في سنة اثنتين وثلاثين ومائة نزل صالح وأبو عون بهذا الفضاء حيث جبل يشكر بعسكرهما وأمر أبو عون أصحابه بالبناء هناك فسمّي ب «العسكر» وصار الأمراء من يومئذ ينزلون به ويقال له «العسكر»، وربّما أقيمت الجمعة بالعسكر، فكان يقال: «مدينة الفسطاط والعسكر»، إلى أن كانت دولة بني طولون وعمّر الأمير


(a) من هنا وحتى نهاية القوس صفحة ٣٦٢ إضافة من مسودة الخطط.