للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزيّنت القياسر والأسواق بأنواع الزّينة، وصار النّاس في القاهرة ومصر طول اللّيل في بيع وشراء، وأكثروا أيضا من وقود الشّموع العظيمة، وأنفقوا في ذلك أموالا عظيمة جليلة لأجل التّلاهي، وتبسّطوا في المآكل والمشارب وسماع الأغاني. ومنع الحاكم الرّجال المشاة بين يديه من المشي بقربه، وزجرهم وانتهرهم، وقال: لا تمنعوا أحدا منّي. فأحدق النّاس به، وأكثروا من الدّعاء له.

وزيّنت الصّاغة وخرج سائر النّاس باللّيل للتفرّج، وغلب النّساء الرجال على الخروج باللّيل، وعظم الازدحام في الشّوارع والطّرقات، وأظهر النّاس اللّهو والغناء وشرب المسكرات في الحوانيت وبالشّوارع من أوّل المحرّم سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة. وكان معظم ذلك من ليلة الأربعاء تاسع عشرة إلى ليلة الاثنين رابع عشرينه.

فلمّا تزايد الأمر وشنع، أمر الحاكم بأمر اللّه أن لا تخرج امرأة من العشاء، ومتى ظهرت امرأة بعد العشاء نكّل بها، ثم منع النّاس من الجلوس في الحوانيت، فامتنعوا (١).

ولم يزل الحاكم على الرّكوب في اللّيل إلى آخر شهر رجب. ثم نودي في شهر رجب سنة خمس وتسعين وثلاث مائة: ألاّ يخرج أحد بعد عشاء الآخرة، ولا يظهر لبيع ولا شراء، فامتنع النّاس (٢).

وفي سنة خمس وأربع مائة تزايد في المحرّم منها ووقوع النّار في البلد، وكثر الحريق في عدّة أماكن. فأمر الحاكم بأمر اللّه النّاس باتّخاذ القناديل على الحوانيت وأزيار الماء مملوءة ماء، وبطرح السّقائف التي على أبواب الحوانيت والرّواشن التي تظلّ الباعة؛ فأزيل جميع ذلك من مصر والقاهرة (a) (٣).


(a) هنا في هامش آياصوفيا: بياض ورقة وعشرة أسطر.
(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣٨: ٢.
(٢) نفسه ٥٤: ٢.
(٣) نفسه ١٠٥: ٢.