الأستادّار (a)) كان (١) الأستادّار (a) إليه أمر البيوت السّلطانية كلّها من المطابخ والشّراب خاناه والحاشية والغلمان، وهو الذي كان يمشي بطلب السّلطان في السّرحات والأسفار، وله الحكم في غلمان السّلطان وباب داره، وإليه أمور الجاشنكيرية - وإن كان كبيرهم نظيره في الإمرة من ذوي المئين - وله أيضا الحديث المطلق والتصرّف التّام في استدعاء ما يحتاجه كلّ من في بيت من بيوت السّلطان من النّفقات والكساوي وما يجري مجرى ذلك (٢).
ولم تزل رتبة الأستادّار على ذلك حتى كانت الأيّام الظّاهريّة برقوق، فأقام الأمير جمال الدّين محمود بن عليّ بن أصفر عينه أستادّارا (٣)، وناط به تدبير أموال المملكة، فتصرّف في جميع ما يرجع إليه (b) أمر الوزير وناظر الخاصّ، وصارا يتردّدان إلى بابه ويمضيان الأمور برأيه. فجلّت من حينئذ رتبة الأستادّار بحيث أنّه صار في معنى ما كان فيه الوزير في أيّام الخلفاء سيّما إذا اعتبرت حال الأمير جمال الدّين يوسف الأستادّار في الأيّام النّاصرية فرج بن برقوق، كما ذكرناه عند ذكر المدارس من هذا الكتاب (٤)، فإنّك تجده إنّما كان كالوزير العظيم لعموم تصرّفه ونفوذ أمره في سائر أحوال المملكة. واستقرّ ذلك لمن ولي الأستادّارية من بعده، والأمر على هذا إلى اليوم.
(a-a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: إلى. المحاضرة ١٣١: ٢؛ حسن الباشا: الفنون الإسلامية والوظائف ١٩٥ - ١٩٨؛ ماجد: نظم سلاطين المماليك ٤٨: ٢ - ٤٩، وفيما تقدم ٣٨: ٢، ٢٠٠). (١) هكذا وردت في أغلب المصادر، ونبّه القلقشندي إلى أنّها «الإستدّار» بكسر الهمزة، وهو مركّب من لفظتين فارسيتين: «استذ» بمعنى الأخذ، و «الدّار» بمعنى الممسك؛ فأدغمت الذّال الأولى - وهي المعجمة - في الثانية - وهي المهملة فصار: استدّار، والمعنى: المتولي للأخذ، لأنّه المتولي لقبض المال. (القلقشندي: صبح الأعشى ٤٥٧: ٥، وقارن مع حسن الباشا: الفنون الإسلامية والوظائف ٣٩ - ٤٠ وما ذكر من مراجع). (٢) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٧ - ٥٨؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٢٠: ٤؛ السبكي: معيد النعم ٢٦؛ السيوطي: حسن المحاضرة ١٣١: ٢. (٣) انظر عنه فيما يلي ٣٩٥: ٢ - ٣٩٧. (٤) فيما يلي ٤٠٢: ٢ - ٤٠٣.