للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى مصر، وبنوا في ظاهر الفسطاط «العسكر». فصار الأمراء من حينئذ تارة ينزلون في العسكر، وتارة في الفسطاط، إلى أن بنى أحمد بن طولون القصر والميدان، وأنشأ «القطائع» بجانب العسكر. فصارت القطائع منازل الطّولونية إلى أن زالت دولتهم.

فسكن الأمراء بعد زوال دولة بني طولون بالعسكر إلى أن قدم جوهر القائد من بلاد المغرب بعساكر المعزّ لدين اللّه وبنى «القاهرة المعزّيّة»؛ فصارت القاهرة من حينئذ دار الخلافة ومقرّ الإمامة ومنزل الملك إلى أن انقضت الدّولة الفاطميّة على يد السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب (١).

فلمّا استبدّ بعدهم بأمر سلطنة مصر بنى «قلعة الجبل» هذه ومات؛ فسكنها من بعده الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب، واقتدى به من ملك مصر من بعده من أولاده إلى أن انقرضوا على يد مماليكهم البحريّة، وملكوا مصر من بعدهم، فاستقرّوا بقلعة الجبل إلى وقتنا (a) هذا.

وسأجمع - إن شاء اللّه تعالى - من أخبار قلعة الجبل هذه، وذكر من ملكها ما فيه كفاية.

[ذكر ما كان عليه موضع قلعة الجبل قبل بنائها]

اعلم أنّ أوّل ما عرف من خبر موضع قلعة الجبل (b)) - فيما وقفت عليه (b) - أنّه كان فيه قبّة تعرف بقبّة الهواء.

قال أبو عمر (b)) محمد بن يوسف بن يعقوب (b) الكندي في كتاب «أمراء مصر» (b)) ومن أصل القاضي القضاعي الذي قرأه على ابن النّحّاس نقلت ما نصّه (b): وابتنى حاتم بن هرثمة القبّة التي تعرف بقبّة الهواء (٢)، وهو أوّل من ابتناها، وولي مصر إلى أن صرف عنها في جمادى الآخرة سنة


(a) بولاق: يومنا.
(b-b) إضافة من مسودة الخطط.
(١) راجع فيما تقدم ٣٥٠: ١، ٣٦٤، ٣٩٢؛ ٣: ٢، ٥٦، ٨٠، ١٧١.
(٢) عن قبّة الهواء، انظر فيما تقدم ٨٠: ٢، ٥٨٤.