عبد الظّاهر لقراءته على عادته، فلمّا أخذ الكتاب من السّلطان، أمر الوزير أن يتأخّر حتى يقرأه، فتأخّر الوزير. ثم إنّ ابن لقمان صرف عن الوزارة، وأعيد إلى ديوان الإنشاء، فتأدّب معه.
فلمّا ولي وزارة الملك الأشرف خليل بن قلاوون شمس الدّين بن السّلعوس، قال لفتح الدّين:
اعرض عليّ كلّ ما تكتبه. فقال: لا سبيل لك إلى ذلك، ولا يطّلع على أسرار السّلطان إلاّ هو، فإن اخترتم وإلاّ عيّنوا عوضي. فلمّا بلغ السّلطان ذلك قال: صدق.
ولم يزل على حاله إلى أن مات - وأبوه حيّ - بدمشق في النّصف من شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وسبع مائة. فوجد (١) في تركته قصيدة مرثية قد عملها في رفيقه تاج الدّين أحمد ابن سعيد بن محمد بن الأثير، لمّا مرض وطال مرضه، فاتّفق أن عوفي ابن الأثير، ولم يتأخّر ابن عبد الظّاهر بعد عافيته سوى ليال يسيرة ومرض ومات. فرثاه ابن الأثير بعد موته، وولي وظيفة كتابة السّرّ عوضا عنه.
ولم يكن ابن عبد الظّاهر مجيدا في صناعة الإنشاء، إلاّ أنه دبّر الدّيوان وباشره أحسن مباشرة، ومن شعره:
[الكامل]
إن شئت تنظرني وتنظر حالتي … فانظر إذا هبّ النّسيم قبولا
فتراه مثلي رقّة ولطافة … ولأجل قلبك لا أقول عليلا
فهو الرّسول إليك منّي ليتني … كنت اتّخذت مع الرّسول سبيلا
/ ولم يزل هذا الجامع عامرا إلى أن حدثت المحن في سنة ستّ وثمان مائة، واختلّت القرافة فتلاشى (a) لخراب ما حوله، وهو اليوم قائم على أصوله.
جامع بساتين الوزير التي على بركة الحبش (٢).
(a) ساقطة من بولاق. (١) عند الصفدي، مصدر النّقل، قبل هذه العبارة: قال قطب الدّين اليونيني: لمّا توفي فتح الدّين وجد في أوراقه. (٢) فيما تقدم ٢: ٥٢٣: ٣.