وينفرد هذا الجزء كذلك بذكر تفاصيل هامّة عن أنواع الأسلحة المحفوظة بخزانة السّلاح بالقصر الفاطمي، وما كان يستخدم منها في الاحتفالات الموكبيّة التي كان يشهدها الإمام الفاطمي وخاصّة في النّصف الأوّل للقرن السّادس الهجري (فيما يلي ٣٨٠ - ٣٨١، ٤٦٢ - ٤٧٣)، استمدّ المقريزي مادّتها من كتاب «الذّخائر والتّحف» الذي لا نعرف اسم مؤلّفه، وكتاب «نزهة المقلتين» لابن الطّوير القيسراني.
كما يقدّم لنا هذا الجزء كذلك مادّة غنيّة عن أنواع الخلع والتّشاريف التي كان ينعم بها الخلفاء الفاطميون على أرباب الرّتب في الأعياد والمناسبات المختلفة، على الأخصّ في زمن خلافة الآمر بأحكام اللّه ووزارة المأمون بن البطائحي، اعتمادا على ما أورده الأمير جمال الملك موسى بن المأمون البطائحي في «تاريخه».
مصادر المجلّد الثّاني
إذا كان الجزء الثّالث الخاصّ ب «فسطاط مصر» قد وصلت إلينا أغلب مصادره التي اعتمد عليها المقريزي وتمكّنت من تخريج نقوله ومقابلتها على هذه المصادر، فإنّ أهميّة الجزء الرّابع المشتمل على «أخبار القاهرة وخلائفها وما كان لهم من الآثار» يرجع إلى قيمة المصادر التي اعتمد عليها المقريزي والتي فقد القسم الأكبر منها الآن، بحيث أصبح ما يقدّمه لنا المقريزيّ هو المصدر الوحيد الذي نعرف من خلاله تاريخ هذه الفترة ووصف الآثار التي خلّفها الفاطميّون والاحتفالات الموكبيّة التي كانت تتم في عهدهم.
ويأتي في مقدّمة مصادر الجزء الثّالث كتاب «فتوح مصر وأخبارها»، لأبي القاسم عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن عبد الحكم، المتوفى سنة ٢٥٧ هـ/ ٨٧٠ م. وقد أشرت في مقدّمة المجلّد الأوّل إلى أنّه المصدر الوحيد الذي سجّل باطّراد أحداث الفتح العربي الإسلامي لمصر، وقد نقل المقريزي غالب كتاب ابن عبد الحكم، وعلى الأخصّ روايات محمد بن حبيب وعبد اللّه بن لهيعة واللّيث بن سعد، مثلما فعل في المجلّد الأوّل عند حديثه على ملوك مصر قبل الإسلام (٣٨٣: ١ - ٣٨٩) وفتح العرب المسلمين لمدينة الإسكندرية (٤٤١: ١ - ٤٥٨)(١).