في سنة تسع وسبع مائة. ولها بسط تفرش في يوم الجمعة كلّها منقوشة بأشكال المحاريب أيضا (a) ووقفها عليها وهي باقية بها إلى الآن (a)، وفيها خزانة كتب، ولها إمام راتب.
طيبرس بن عبد اللّه الوزيري (١) -
كان في ملك الأمير بدر الدّين بيلبك مملوك الخازندار الظّاهري نائب السّلطنة، ثم انتقل إلى الأمير بدر الدّين بيدرا، وتنقّل في خدمته حتى صار نائب الصّبيبة، ورأى مناما للمنصور لاجين يدلّ على أنّه يصير سلطان مصر، وذلك قبل أن يتقلّد السّلطنة وهو نائب الشّام، فوعده إن صارت إليه السّلطنة أن يقدّمه وينوّه به.
فلمّا تملّك لاجين استدعاه وولاّه نقابة الجيش بديار مصر - عوضا عن بلبان الفاخري - في سنة سبع وتسعين وستّ مائة. فباشر النقابة مباشرة مشكورة إلى الغاية، من إقامة الحرمة وأداء الأمانة والعفّة المفرطة، بحيث إنّه ما عرف عنه أنّه قبل من أحد هديّة ألبتّة، مع التزام الدّيانة والمواظبة على فعل الخير والغنى الواسع.
وله من الآثار الجميلة الجامع والخانقاه بأراضي بستان الخشّاب (٢) المطلّة على النيل خارج القاهرة، فيما بينها وبين مصر بجوار المنشأة. وهو أوّل من عمّر في أراضي بستان الخشّاب، وقد تقدّم ذكر ذلك، ومن آثاره أيضا هذه المدرسة البديعة الزّيّ، وله على كلّ من هذه الأماكن أوقاف جليلة.
ولم يزل في نقابة الجيش إلى أن مات في العشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وسبع مائة، ودفن في مكان بمدرسته هذه، وقبره بها إلى وقتنا هذا.
(a) (a-a) إضافة من المسوّدة. - بقوله: «كشف لنا هذا الوصف عن عبقرية المقريزي في الناحية الفنية، فإنّ صناعة الرّخام في محراب هذه المدرسة من أدقّ ما وجد من نوعها وأندره، فالجزء الأسفل منه مكوّن من طاقات مقرنصة محمولة على عمد رخامية صغيرة لها تيجان رخامية أيضا؛ وتواشيحها من رخام مدقوق به فروع زخرفية بارزة، وباقي المحراب من رخام أبيض لبّست فيه ألوان الرخام بأشكال زخرفية، وحلّيت تواشيحه وأعلاه بفسيفساء مذهبة». (تاريخ المساجد الأثرية ٥٧). (١) راجع ترجمة الأمير طيبرس الوزيري، المتوفى سنة ٧١٩ هـ/ ١٣٢٩ م، عند الصفدي: الوافي بالوفيات ٥٠٨: ٦ - ٥٠٩؛ المقريزي: المقفى الكبير ١١: ٤ - ١٢؛ السلوك ١٩٩: ٢؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣٣٠: ٢؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٤٦: ٩. (٢) فيما تقدم ٣٠٤: ٢.