للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر الواحات الدّاخلة

الواحات منقطعة وراء الوجه القبلي في مغاربه، ولا تعدّ في الولايات ولا في الأعمال، ولا يحكم عليها من قبل السّلطان وال، وإنّما يحكم عليها من قبل مقطعها.

وبلاد الواحات، بين مصر والإسكندرية والصّعيد والنّوبة والحبشة، بعضها داخل ببعض.

وهو بلد قائم بنفسه غير متّصل بغيره، ولا مفتقر (a) إلى سواه. وفي (b) أرضها شبّيّة وزاجيّة، وعيون حامضة الطّعم تستعمل كاستعمال الخلّ، وعيون مختلفة الطّعوم من الحامض والقابض والملح.

ولكلّ نوع منها خاصّية ومنفعة، وهي على قسمين: واحات داخلة، وواحات خارجة. جملتها أربع واحات.

ويقال إنّ الواحات ولد (c) حويلا بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح، وأنّه أخو سبأ بن كوش أبو الحبش وأبو شقا بن كوش أبو زغاوة وأبو شخنتا (d) بن كوش أبو الدّقمدم (e).

قال ابن وصيف شاه: ويقال إنّ قفطريم بنى المدائن الدّاخلة، وعمل فيها عجائب: منها الماء [الملفوف] (f) القائم كالعمود لا ينحلّ ولا يذوب، والبركة التي تسمّى فلسطين - أي صيّادة الطّير - إذا مرّ عليها الطّير سقط فيها، ولم يمكنه الخروج منها حتى يؤخذ.

وعمل أيضا عمودا من نحاس عليه صورة طائر، إذا قرب الأسد أو الحيّات، أو غيرها من الأشياء المضرّة، من تلك المدينة، صفّر تصفيرا عاليا، فترجع تلك الدّواب هاربة.

وعمل على أربعة أبواب هذه المدينة أربعة أصنام من نحاس، لا يقرب منها غريب إلاّ ألقي عليه النّوم والسّبات، فينام عندها، ولا يبرح حتى يأتيه أهل المدينة وينفخوا في وجهه ليقوم، وإن لم يفعلوا ذلك لا يزال نائما عند الأصنام حتى يهلك.

وعمل منارا لطيفا من زجاج ملّوّن، على قاعدة من نحاس، وعمل على رأس المنار صورة صنم من أخلاط كثيرة، وفي يده كالقوس كأنّه يرمي عنها، فإن عاينه غريب وقف في موضعه، ولم يبرح حتى ينحّيه أهل المدينة. وكان ذلك الصّنم يتوجّه إلى مهبّ الرّياح الأربع من نفسه.


(a) بولاق: يفتقر.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: ولدوا.
(d) بولاق: تسفحتا.
(e) بولاق: أبو الحبش الرمرم.
(f) زيادة من النويري.