قال ابن سيده: دَرَسَ الكِتابَ يَدْرُسُهُ دَرْسًا ودراسةً، ودارسه من ذلك، كأنه عادده حتى انقاد لحفظه، وقد قُرِئ بهما ﴿وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾ و (دارست). [وقيل: دَرستَ: قرأْتَ كُتُبَ أهل الكتاب، و (دارست)] ذاكرتهم، وحكى دَرُسَتْ أي قُرِئت، و قُرئ:(درست) و (دَرَسَت)، أي هذه أخبار قد عَفَتْ وامحت، ودَرُسَتْ أَشَدُّ مبالغة، والدراس المدارسة.
وقال ابن جني: ودَرَسْتُه إِيَّاه وأَدْرَسْتُه، ومن الشاذ قراءة ابن حيوَة:(وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرِسُونَ)[من الآية ٧٩ سورة آل عمران]. والمدراس (a): المَوْضِعُ الذي يُدرس فيه (١).
وقد ذكر الواقدي أن عبد الله ابن أم مكتوم قَدِمَ مُهاجِرًا إلى المدينة مع مصعب بن عمير ﵄ وقيل قدم بعد بدر بيسير - فنزل دار القراء (٢).
ولما أراد الخليفة المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن المُوَفَّقِ بالله أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله جعفر، بِنَاءَ قَصْرِه في الشماسية ببغداد، استزاد في الذرع بعد أن فرغ من تقدير ما أراد. فسئل عن ذلك، فذكر أنه يُريده ليبني فيه دورًا ومَساكِنَ ومَقاصِير، يُرَتِّب فِي كُلِّ مَوْضِعٍ رُؤساء كل صناعة ومَذْهَب من مذاهب العلوم النظرية والعملية، ويُجري عليهم الأرزاق السنية، ليَقْصِدَ كل من اختار عِلْمًا أو صناعة رئيس ما يختاره فيأخذ عنه.
والمدارس مما حدث في الإسلام، ولم تكن تعرف في زَمَنِ الصحابة ولا التابعين، وإنما حَدَثَ عملها بعد الأربع مائة من سني الهجرة. وأول من حُفظ عنه أَنَّهُ بَنَى مَدْرَسَة فِي الإِسْلامِ أَهْلُ نَيسَابُور فَبُنِيت بِهَا المَدرسةُ البَيْهَقية، وَبَنى بِهَا أَيضًا الأَمِيرُ نَصْرُ بنُ سبكتكين أَخو السُّلطان
(a) بولاق: المدرس. (١) ابنُ سِيْدهُ: المحكم والمحيط الأعظم ٨: ٢٩٦. (٢) ابنُ سَعد: الطبقات الكبرى ٢٠٥: ٤ وفيه: وهي دَار مخرمة بن نَوْفَل.