للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشبه في مقابلته فجَعَلَه كواحد من البشر، وبالغ المرجئ في سلب العقاب، وبالغ المعتزلي في التخليد في العذاب، وبالغ الناصبي في دفع علي عن الإمامة، وبالغت الغلاة حتى جَعَلُوه إلها، وبالغ السني في تقديم أبي بكر وبالغ الرافضي في تأخيره حتى كَفَّرَه.

ومَيْدانُ الظَّنِّ وَاسِعٌ، و حُكْمُ الوَهْمِ غَالِبٌ، فَتَعَارَضَتِ الظُّنُونُ، وَكَثُرَتِ الْأَوْهامُ، وَبَلَغَ كُلُّ فريق في الشر والعناد والبغي والفَسَادِ إلى أقصى غاية وأبعد نهاية، وتَبَاغَضُوا وتَلاعَنُوا، واسْتَحَلُّوا الأموال، واستباحوا الدماء، وانْتَصَرُوا بالدول، واسْتَعانُوا بالملوك. فلو كان أحدهم إذا بالغ في

أَمْرٍ، نَازَعَ الآخر في القُرْبِ منه - فإنَّ الظَّنَّ لا يبعد عن الظَّنِّ كثيرا، ولا ينتهي في المنازعة إلى الطرف الآخر من طرفي التقابل - لكنهم أبوا إلا ما قدمنا ذكره من التدابر والتقاطع ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [الآيتان ١١٨، ١١٩ سورة هود].