للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت أمّ المستنصر تعين العبيد وتمدّهم بالأموال والأسلحة، فاتّفق في بعض الأيام أنّ بعض الأتراك ظفر بشيء ممّا تبعث به أمّ المستنصر إلى العبيد، فأعلم بذلك أصحابه - وقد قويت شوكتهم بانهزام العبيد - فاجتمعوا بأسرهم، ودخلوا على المستنصر، وخاطبوه في ذلك وأغلظوا في القول وجهروا بما لا ينبغي. وصار السّيف قائما، والحروب متتابعة، إلى أن كان من خراب مصر بالغلاء والفتن ما كان. وكان من قبل المستنصر يتردّدون إلى بركة الجبّ (١).

قال المسبّحيّ: ولاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، عرض العزيز باللّه عساكره بظاهر القاهرة عند سطح الجبّ، فنصب له مضرب ديباج رومي فيه ألف ثوب بصفّرية فضّة، ونصبت له فازة مثقل وقبّة مثقل بالجوهر، وضرب لابنه الأمير أبي عليّ منصور مضرب آخر. وعرضت العساكر، وكان عدّتها مائة عسكري، وأقبلت أسارى الرّوم وعدّتهم مائتان وخمسون، فطيف بهم. وكان يوما عظيما حسنا لم تزل العساكر تسير بين يديه من ضحوة النّهار إلى صلاة المغرب (٢).

وما زالت بركة الجبّ متنزّها للخلفاء والملوك من بني أيّوب، وكان السّلطان صلاح الدّين يبرز إليها للصّيد ويقيم فيها الأيام، وفعل ذلك الملوك من بعده. واعتنى بها الملك النّاصر محمد بن قلاوون، وبنى بها أحواشا وميدانا كما سيأتي ذكره إن شاء اللّه (٣).

(a) وبركة الجبّ وما يليها في أدراك بني صبرة. وهم ينسبون إلى صبرة/ بن بطيح بن مغالة بن دعجان بن غميت بن الكليب بن أبيّ بن عمرو بن دميمة بن حدس بن أريش بن أراش بن جزيلة ابن لخم. فهم أحد بطون لخم، وفيهم بنو جذام بن صبرة بن نضرة بن غنم بن غطفان بن سعد بن مالك بن حرام بن جذام أخي لخم (a).

[المشتهى]

وكان من مواضعهم التي أعدّت للنّزهة المشتهى (٤).


(a) (a-a) هذه الفقرة حاشية بخط المؤلف. النجوم ١٨: ٥ هـ ٢، وفيما تقدم ٤٩٦: ١). وعند ابن الأثير: الكامل ٨٢: ١٠ أن هذه الواقعة كانت على كوم الريش، وهي بلدة فيما بين أرض البعل ومنية السّيرج.
(١) ابن ميسر: أخبار مصر ٢٤ - ٢٥؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٦٥: ٢ - ٢٦٧.
(٢) المسبحي: نصوص ضائعة ١٤، وفيما يلي ١٦٣: ٢.
(٣) أعاد المقريزي هذا الخبر فيما يلي ١٦٣: ٢ - ١٦٤.
(٤) انظر فيما يلي ١٤٣: ٢.