للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين يدي منجوتكين. أعزّونا وأعزّوا بنا غيرنا، وبعد هذا فأقول: اللّهم قرّب أجلي ومدّتي، فقد أنفت على الثمانين أو أنا فيها».

فمات في تلك السنة، وذلك أنّه اعتلّ، فركب إليه العزيز باللّه عائدا، وحمل إليه قبل ركوبه خمسة آلاف دينار ومرتبة مثقل، وبعث إليه الأمير منصور بن العزيز باللّه خمسة آلاف دينار.

وتوفّي يوم الاثنين لسبع بقين من ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة، فبعث إليه العزيز بالحنوط والكفن، وأرسل إليه الأمير منصور بن العزيز أيضا الكفن، وأرسلت إليه السّيّدة العزيزية الكفن، فكفّن في سبعين ثوبا ما بين مثقل ووشي مذهّب، وصلّى عليه العزيز باللّه، وخلع على ابنه الحسين وحمله وجعله في مرتبة أبيه، ولقّبه ب «القائد ابن القائد»، ومكّنه من جميع ما خلّفه أبوه.

وكان جوهر عاقلا، محسنا إلى النّاس، كاتبا بليغا؛ فمن مستحسن توقيعاته على قصّة رفعت إليه بمصر:

«سوء الاجترام أوقع بكم حلول الانتقام، وكفر الإنعام أخرجكم من حفظ الذّمام. فالواجب فيكم ترك الإيجاب، واللاّزم لكم ملازمة الاحتساب، لأنّكم بدأتم فأسأتم، وعدتم فتعدّيتم. فابتداؤكم ملوم، وعودكم مذموم، وليس بينهما فرجة إلاّ تقتضي الذمّ لكم والإعراض عنكم، ليرى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه رأيه فيكم» (١).

ولمّا مات رثاه كثير من الشّعراء.

السّور الثّاني

بناه أمير الجيوش بدر الجمالي في سنة ثمانين وأربع مائة، وزاد فيه الزّيادات التي فيما بين بابي زويلة وباب زويلة الكبير، وفيما بين باب الفتوح الذي عند حارة بهاء الدّين وباب الفتوح الآن، وزاد عند باب النّصر أيضا جميع الرّحبة التي تجاه جامع الحاكم الآن إلى باب النّصر،


(١) أبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر، تحقيق وداد القاضي، بيروت - دار صادر ١٩٨٨، ١٨٤: ١؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٤٦ وصدّر الخبر بقوله: «وقال أبو حيّان التوحيدي في كتاب «بصائر القدماء» [وهو عنوان موجود على بعض مخطوطات الكتاب]: كتب جوهر عبد الفاطمي بمصر موقّعا في قصّة رفعها أهلها إليه»؛ واتعاظ الحنفا ٢٧٢: ١ وبدأه بقوله: ومن بديع توقيعات القائد جوهر ما حكاه أبو حيّان التوحيدي في كتاب «بصائر القدماء»؛ وفيما يلي ٢٠٧: ٢.