للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاهرة التاريخية، رغم أنّ هذه المنطقة الواقعة بين باب زويلة وقلعة الجبل، وباب زويلة وصليبة ابن طولون تشتمل على أهمّ آثار القاهرة المملوكية!

القاهرة فى زمن النّاصر محمّد بن قلاون

كان أكبر نموّ ملحوظ للقاهرة المملوكية أثناء السّلطنة الثّالثة للنّاصر محمد بن قلاوون (٧٠٩ - ٧٤١ هـ/ ١٣٠٩ - ١٣٤١ م)، التي تعدّ نقطة تحوّل هامّة في تاريخ المدينة. وتركّز هذا النّمو في الأساس خارج باب زويلة وفي المنطقة الواقعة أسفل قلعة الجبل حيث عمّر الأمراء المماليك العديد من المنشآت الجديدة في هذه المنطقة بناء على طلب السّلطان، وتضمّن ذلك - إضافة إلى الدّور والقصور - بناء عدد من المساجد الجامعة الضّخمة. فحتّى نحو سنة ٧١٨ هـ/ ١٣١٨ م كان الرأي الذي يرى إلقاء خطبة الجمعة في جامع واحد في المدينة (وهو ما يراه المذهب الشّافعي الذي أخذ به الأيّوبيّون) مأخوذا به بطريقة أو بأخرى. فكان بالقاهرة: الجامع الأزهر في قسمها الجنوبي، وجامع الحاكم في قسمها الشّمالي، وكان بالفسطاط جامع عمرو، وجدّد السّلطان المنصور لاجين جامع ابن طولون سنة ٦٩٦ هـ/ ١٢٩٦ م لخدمة المنطقة الواقعة جنوب باب زويلة، وكان لقلعة الجبل جامعها الخاصّ بها الذي بناه النّاصر محمد بن قلاوون سنة ٧١٨ هـ/ ١٣١٨ م، كما كان بالحسينيّة خارج باب الفتوح الجامع الذي بناه الظّاهر بيبرس سنة ٦٦٧ هـ/ ١٢٦٩ م. ولكن بين سنتي ٧٣٠ هـ/ ١٣٢٩ م و ٧٤٠ هـ/ ١٣٤٠ تم تشييد أربعة مساجد جامعة جديدة بين باب زويلة وقلعة الجبل: جامع ألماس الحاجب بشارع الحلميّة (٧٣٠ هـ/ ١٣٢٩ م)، وجامع قوصون بشارع القلعة (محمد علي سابقا) (٧٣٠ هـ/ ١٣٣٠ م)، وجامع بشتاك بشارع درب الجماميز (٧٣٦ هـ/ ١٣٣٦ م)، وجامع ألطنبغا المارديني بشارع التّبّانة (٧٣٩ هـ/ ١٣٤٠ م) أضخم هذه الجوامع وأفخمها، وذلك إضافة إلى العديد من الجوامع والمدارس التي شيّدت في مواضع أخرى من المدينة مثل: مدرسة مغلطاي الجمالي (٧٣٠ هـ/ ١٣٢٩ م)، وجامع الخطيري (٧٣٧ هـ/ ١٣٣٧ م)، وجامع السّتّ حدق (مسكة) (٧٤٠ هـ/ ١٣٣٩ م) (١).


(١) راجع لتفاصيل أكثر، شاهندا فهمي كريم: جوامع ومساجد أمراء السّلطان النّاصر محمد بن قلاوون، رسالة دكتوراه بكلية الآثار - جامعة القاهرة ١٩٨٧.