وفي نهاية العصر العثماني تحوّلت دار طاز إلى مدرسة جارية في وقف علي أغا دار السّعادة، ثم جعلها محمد علي باشا مخزنا للمهمّات الحربيّة. وفي سنة ١٢٩١ هـ/ ١٨٧٤ م رغب الخديو إسماعيل في إنشاء مدرسة لتربية البنات وتعليمهن وعهد بذلك إلى علي باشا مبارك، ناظر ديوان الأوقاف والمدارس، فاختار لها هذه الدّار وأعاد تعميرها بعد أن كانت قد تشعّثت ولم يغيّر بابها بل أبقاه على صورته الأصلية، وهو الباب الموجود الآن، (انظر فيما يلي ٢٤١) وأصلح خلل القاعة والمقعد الذي أضافه تنبك قرا الأشرفي - وبعض الجهات القابلة للإصلاح وأنشأ بها البناء القاسم للحوش، وفتح الدّكاكين القديمة التي كانت بواجهتها (١)، والتي ما تزال موجودة حتى الآن.
وما تزال بقايا هذه الدّار مستخدمة كمخازن لوزارة التّربيّة والتّعليم، وتصدّع منها جزء كبير من الناحية البحرية الشرقية في أثناء عام ٢٠٠٢ م (٢)!
أمّا القصر المملوكي البحري الوحيد الباقي داخل حدود القاهرة الفاطمية ف «قصر بشتاك» الواقع الآن بشارع المعزّ لدين اللّه بالقرب من سبيل عبد الرحمن كتخدا (فيما يلي ٢٢٧ - ٢٣٠).
وتميّز عمارة هذا القصر ارتفاعه الكبير ليحاكي المنشآت الدّينية المحيطة به، واستخدام الحجارة في بنائه وكذلك العقود المدبّبة؛ ويتوسّط الدّور الأرضي للقصر قاعة ذات تخطيط متعامد على جوانبها مساطب حجريّة، ومن الجهة الأخرى سلالم جيرية تقود الداخل إلى القاعة الكبرى للقصر التي تتوسّطها درقاعة مربّعة يفتح عليها قوسين ضخمين مدبّبين يحفّان بإيوانيّ الطّرف.
ويعلو مركز القاعة ملقف تقليدي للتهوية (٣).
وفي وقت الحملة الفرنسية كانت ما تزال بقايا الدّور والقصور المملوكية قائمة في العديد من المواضع في القاهرة، ولكنّها كانت قد هجرتها تماما الطّبقة الأرستقراطية التي شيّدتها، ولم تعد تستخدم إلاّ كمأوى للأسرات الفقيرة وملجأ يشغله الحرفيّون.
ومن المؤسف أنّ هذه القصور المملوكية الضّخمة، التي تعدّ هي والجوامع والخوانق المملوكية التي وصلت إلينا، خير شاهد على ما كانت عليه قاهرة المماليك من فخامة وأبّهة، في حالة سيّئة من الإهمال وعدم العناية تهدّد بزوالها. وبالتالي فهي لا تظهر على أيّة خريطة سياحية لزيارة
(١) علي مبارك: الخطط التوفيقية الجديدة ٤٦: ٢ (١٦١ - ١٦٢). (٢) راجع عن مخطط هذا القصر وعمارته Revault، J. & Maury، B.، op.cit.، II، pp. ٤٩ - ٦٠.L ٢ (٣) راجع عن مخطط هذا القصر وعمارته Ibid.، II، pp. ١ - ٢٠.