للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آقبردي» الذي حرّفه العامّة إلى «قصر بردق» وأطلقوا على الفضاء الذي كان يجاوره «حوش بردق».

وفي مطلع العصر العثماني استخدم هذا القصر كدار ضيافة حيث نزل به في سنة ٩٢٧ هـ/ ١٥٢١ م محمد بن إدريس المعروف بقلقسز الدّفتردار مبعوث السّلطان سليمان القانوني (١).

وما تزال أطلال هذا القصر قائمة خلف المدرسة السّعديّة (التّكيّة المولويّة الآن) واقتطعت من مساحته قطعة أقيم عليها مدرسة للبنات تعرف بمدرسة عثمان … ، وما من شكّ في أنّ هذا القصر بمدخله الضّخم وقاعاته السّفلى والعليا التي تعدّ من أكبر قاعات العمارة المملوكية، ليس إلاّ ترديدا أمينا لما كانت عليه القصور السّلطانية بقلعة الجبل (٢). ومن الغريب أن يقام صفّ من الدّكاكين والورش تطلّ على جامع ومدرسة السّلطان حسن وتخفي خلفها هذا المدخل التّذكاري الرّائع المعدوم المثال لقصر قوصون يشبك بعد أن كان يوصف بأنّه يواجه مباشرة باب السّلسلة بالقلعة، وأن لا تقوم أيّة محاولة لإصلاح وترميم هذا القصر المملوكي الضّخم.

وبالقرب من قصر قوصون - يشبك بشارع السّيوفيّة بجوار زاوية وخانقاه أيدكين البندقداري (المعروفة الآن بزاوية الأبار) يوجد «قصر طاز» الذي شيّد سنة ٧٥٥ هـ/ ١٣٥٤ م (فيما يلي ٢٤٠ - ٢٤٢). وبالرّغم من التّلف الشّديد الذي أصاب القصر، فإنّ ما تبقّى منه يدلّ على أنّ أسلوب وطراز بنائه مشابه لأسلوب وطراز قصر قوصون وبتأثّرهما بمصدر واحد (٣).

وجاء على هامش نسخة باريس رقم ١٧٥٩ من الخطط إضافة هامّة لقطب الدّين القسطلاّني، ناسخ النّسخة، تفيد أنّ المقعد الموجود بالقصر تمّ في عصر سلاطين المماليك لا العصر العثماني كما يذهب إلى ذلك الدّارسون المحدثون، يقول: «ولم تزل داره هذه على ما هي عليه حتى ملكها تنبك قرا الأشرفي إينال (٤) في أوائل دولة الأشرف قايتباي، وكان تنبك هذا دوادارا ثانيا إذ ذاك، فجدّد بناءها وعمّر بها المقعد الحافل الموجود بها الآن، وأحضر إليها معلّما بنّاء من مدينة غزّة كان يعرفه وهو بطّال، فجدّدها في دولة الظّاهر خشقدم، وجاءت هذه الدّار في غاية الحسن ونهاية في [ … ]، وهي على ملكه الآن وهو حاجب الحجّاب».


(١) نفسه ٤٠١: ٥.
(٢) Revault، J. & Maury، B.، op.cit.، II، pp. ٣١ - ٤٨
(٣) Revault، J.، L'architecture domestique au Caire، p. ٥٩.
(٤) انظر ترجمته عند السخاوي: الضوء اللامع ٤٣: ٣؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٤٢٩: ٣ - ٤٣٠.