يقسمها إلى درقاعة وإيوان قوسين مدبّبين كانا يحملان فيما سبق قبّة زالت الآن (١). (انظر الصورة).
أمّا «قصر (إسطبل) قوصون» الواقع خلف جامع ومدرسة السّلطان حسن من جهته البحرية وخلف المدرسة السّعدية (التكية المولويّة الآن) من جهته الغربية (فيما يلي ٢٣٥ - ٢٣٨)، فهو أحد أضخم القصور المملوكية التي أمر ببنائها النّاصر محمد بن قلاوون لأحد أمرائه المقرّبين سنة ٧٣٨ هـ/ ١٣٣٨ م، هو الأمير سيف الدّين قوصون الذي ترقّى في الخدم السّلطانيّة وبلغ أعلى المراتب عند السّلطان فزوّجه بابنته كما تزوّج السّلطان أخته، وعند وفاته جعله وصيّا على أولاده فصار أمر الدّولة كلّه بيده، فتخوّف منه الأمراء وحصروه بالقلعة سنة ٧٤٢ هـ/ ١٣٤٢ م وحملوه إلى الإسكندرية حيث قتل بها في نفس العام (فيما يلي ٣٠٧: ٢ - ٣٠٨).
وشيّد قوصون قصره في موضع إسطبله بحيث حمل القصر لوقت طويل اسم «إسطبل قوصون». ويتميّز هذا القصر بحجمه الهائل ومساحته الكبيرة وبوّابته التّذكارية الضّخمة التي تشبه كثيرا مداخل الجوامع والمدارس المملوكية، حيث يصل ارتفاعها إلى سطح القصر وأعلاها مزيّن بعقد قبّة غنيّ بالمقرنصات (انظر اللوحة صفحة ٥٥).
ولم يبق هذا القصر على حاله طويلا، ففي أعقاب فتنة سنة ٧٤٢ هـ/ ١٣٤٢ م نهب العامّة القصر بأمر من الأمير أيدغمش أمير آخور في أعقاب تولّي السّلطان الأشرف كجك (٢)، يقول المقريزي:«فتلاشى أمره وأقام عدّة أعوام خرابا لا يسكنه أحد»(فيما يلي ٢٣٧ - ٢٣٨)، وعدّه من الدّور المشئومة بسبب الأحداث التي دارت فيه في أعقاب وقعة قوصون.
وتبدّل وضع القصر في النّصف الثّاني للقرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، فتمّ إصلاحه وصار من أجلّ مساكن الأمراء وأصبح هو البيت المعدّ لسكن كلّ من صار أتابك العساكر (٣). وفي سنة ٨٨٠ هـ/ ١٤٧٥ م أخذه الأمير يشبك من مهدي وزاد عليه، ويوجد دائر المدخل الرّئيس للبوّابة التّذكارية للقصر شريط طويل بالقلم النّسخ المملوكي يفيد أعمال الزّيادة التي قام بها الأمير يشبك ولكن سقط منها التاريخ. ولمّا عيّن الأمير آقبردي من علي باي دوادارا عوضا عن يشبك من مهدي في زمن السّلطان الأشرف قايتباي سكن في هذه الدّار سنة ٨٨٦ هـ/ ١٤٨١ م (٤)، فعرف القصر لذلك ب «قصر قوصون - يشبك» و «قصر
(١) انظر عن مخطط هذا القصر وعمارته، Revault، J. & Maury، B.، Palais et Maisons du Caire du XIV au XVIII siecle، II، pp. ٦١ - ٧٦ .. (٢) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٠: ١٠ - ٤٣. (٣) نفسه ١٢١: ٩. (٤) ابن إياس: بدائع الزهور ١٧٨: ٣.