جمال الدّين محمود بن عليّ من شدّ الدّواوين إلى أستادّارية السّلطان في يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة سنة تسعين وسبع مائة، أقام ابن رجب هذا أستادّارا عند الأمير سودون باق، وكانت أوّل مباشراته. ثم ولي شدّ الدّواوين بعد الأمير ناصر الدّين محمد بن آقبغاآص (a)) في ثامن شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين، فباشر ذلك إلى أن صرف بابن آقبغاآص (a) في سابع عشرين ذي الحجّة، وعوّض في شدّ الدواوين بشدّ دواليب الخاصّ عوضا عن خاله الأمير ناصر الدّين محمد ابن الحسام عند انتقاله إلى الوزارة. فلم يزل إلى أن توجّه الملك الظّاهر برقوق إلى الشّام، وأقام الأمير محمود الأستادّار. فقدم عليه ابن رجب بكتاب السّلطان وهو مختوم، فإذا فيه أن يقبض على ابن رجب، ويلزمه بحمل مبلغ مائة وستين ألف درهم نقرة. فقبض عليه في رابع شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين، وأخذ منه مبلغ سبعين ألف درهم نقرة.
فلمّا كان في يوم الاثنين رابع عشر ربيع الآخر سنة ستّ وتسعين، صرف السّلطان عن الوزارة الصّاحب موفّق الدّين أبا الفرج، واستقرّ بابن رجب في منصب الوزارة وخلع عليه؛ فلم يغيّر زيّ الأمراء، وباشر الوزارة على قالب ضخم وناموس مهاب، وصار أميرا وزيرا مدبّرا لممالك. وسلك سيرة خاله الوزير ناصر الدّين محمد بن الحسام في استخدام كلّ من باشر الوزارة، فأقام الصّاحب سعد الدّين بن نصر اللّه بن البقري ناظر الدّولة، والصّاحب كريم الدّين عبد الكريم بن الغنّام ناظر البيوت، والصّاحب علم الدّين عبد الوهّاب سن إبرة مستوفى الدّولة، والصّاحب تاج الدّين عبد الرّحيم بن أبي شاكر رفيقا له في استيفاء الدّولة.
وأنعم عليه بإمرة عشرين فارسا في سادس شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين. فلم يزل على ذلك، إلى أن مات من مرض طويل في يوم الجمعة لأربع بقين من صفر سنة ثمان وتسعين وسبع مائة وهو وزير من غير نكبة، فكانت جنازته من الجنائز المذكورة. وقد ذكرته في كتاب «درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة».
[دار القليجي]
هذه الدّار من جملة خطّ قصر بشتاك، كانت أوّلا من بعض دور القصر الكبير الشّرقي، الذي تقدّم ذكره عند ذكر قصور الخلفاء، ثم عرفت بدار جمال الكفاة.