كما كان إخراج نشرة علميّة محقّقة ومدقّقة لنصّ كتاب «المواعظ والاعتبار» للمقريزي حلما راود الكثير من المشتغلين بتاريخ وطبوغرافية وآثار مصر الإسلامية؛ فإنّ إعداد كشّافات تحليلية لهذا النّصّ الغني بالمعلومات والملئ بالتّفصيلات، كان مطلبا ملحّا هو الآخر حتى يمكن الاستفادة بالمعلومات الغنيّة المتناثرة على امتداد صفحات الكتاب التي تجاوزت الألف في طبعة بولاق ذات القطع الكبير in-folio.
ولا شكّ أنّ كلّ شخص تعامل مع كتاب «الخطط» للمقريزي أعدّ لنفسه كشّافا خاصّا به حتى يستطيع الاستفادة من التّفاصيل الغنيّة التي يمتلء بها الكتاب. يقول الآثاري الرّاحل علي بك بهجت (١٨٥٨ - ١٩٢٤ م) في رسالة بعث بها إلى صديقه عالم الكتابات السّويسري المعروف ماكس فان برشم، كتبها في ٢٣ يولية سنة ١٩٠٢، «قرأت المقريزي من أوّله إلى آخره وعلّمت على المحال التي تهمّني في صحيفة كذا سطر كذا، بحيث أعرف الآن أن أجد بالسهولة الموضع الذي أحب أدرسه وأستوفاه، فإن كنت تحب شيئا أرشدك إليه في الحال … وبالجملة فكأنّي عملت فهرستا مطوّلا للمقريزي لكن لنفسي خاصّة، أي أنّني أعرف الآن في أي نقطة يتكلّم المقريزي عن المعنى الفلاني وأجده بسهولة عند الحاجة، ولكن هذا العمل لا ينتفع به غيري إلاّ إذا سألني مستفهما عن أيّ موضوع أعيّن له الصّحيفة والسّطر»(١).
ويبدو من رسالة أخرى له كتبها لماكس فان برشم، قبل هذا التاريخ، أنّ الذي كلّفه في البداية بإعداد هذا الفهرس المطوّل لكتاب المقريزي هو يعقوب أرتين باشا (٢).
وكانت هناك محاولتان لم تكتملا لصنع وإعداد كشّافات لكتاب «الخطط» للمقريزي:
المحاولة الأولى هي الكشّافات التّحليليلة التي زوّد بها جاستون فييت Gaston Wiet كلّ جزء من
(١) أنور لوقا: علي بهجت رائد البحث في الآثار العربية بمصر، ٧٥ - ٧٦، ١٧٠ - ١٧١، ١٧٧. (٢) نفسه ١٢٦.