للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة رحمه اللّه تعالى: لا يلزم الإمام استطابة نفوسهم منه ولا من غيره من الغنائم، إذا رأى المصلحة في ذلك (١).

[ذكر ديوان الخراج والأموال]

يقال لكتابة الخراج: قلم التّصريف، وأوّل ما دوّن هذا الدّيوان في الإسلام بدمشق والعراق على ما كان عليه قبل الإسلام.

وكان ديوان الشّام بالرّوميّة، وديوان العراق بالفارسيّة، وديوان مصر بالقبطيّة، فنقلت دواوين هذه الأمصار إلى العربية.

والذي نقل ديوان مصر من القبطيّة إلى العربيّة عبد اللّه بن عبد الملك بن مروان أمير مصر، في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة سبع وثمانين، ونسخها بالعربية، وصرف أثيناس عن الدّيوان، وجعل عليه (a)) مولى لبني سعد ثم لبني الذيال - بطن منهم عمرو بن حرموز (a) - بن يربوع الفزاري من أهل حمص (٢).

وأوّل من نقل الدّواوين من الفارسيّة إلى العربية الوليد بن هشام بن قحزم (b) بن سليمان بن ذكوان، وتوفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين.

والأكثرون على أنّ الذي نقل ديوان العراق إلى العربية صالح بن عبد الرّحمن كاتب الحجّاج، وكان مولى لبني سعد، وهو يومئذ صاحب دواوين العراق، وذلك بعد سنة ثمانين.

وسبب ذلك أنّ صالح بن عبد الرّحمن هذا كان أبوه من سبي سجستان، ومهر صالح في الكتابة، وكتب لزادان فرّوخ كاتب الحجّاج بن يوسف الثّقفي، وخطّ بين يديه بالفارسيّة والعربية؛ فخفّ على قلب الحجّاج، فخاف من زادان وقال له: أنت الذي رقّيتني حتى وصلت إلى الأمير، وأراه قد استخفّني ولا آمن أن يقدّمني عليك فتسقط منزلتك؛ فقال زادان: لا تظنّ ذلك، هو أحوج إليّ منّي إليه، لأنّه لا يجد من يكفيه حسابه غيري. فقال صالح: واللّه لو شئت أن أحوّل الحساب إلى العربية لحوّلته، قال: فحوّل منه أسطرا حتى


(a-a)) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: مخزوم.
(١) الماوردي: الأحكام السلطانية ١٧٠.
(٢) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٢٢ س ٧ - ٨؛ الكندي: ولاة مصر ٨٠ (مصدر هذا الخبر)؛ وانظر كذلك النويري: نهاية الأرب ١٩٨: ٨ - ٢٠٠.