للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسمّى عند أهل مصر «اللّجّة الكبرى» (١).

وقد تلاشى في زمننا أمر الاجتماع في يوم فتح سدّ بحر أبي المنجّا، وقلّ لاحتفال به لشّغل النّاس بهمّ المعيشة.

قصر الورد بالخاقانيّة

وكان من أيّام متنزّهات الخلفاء يوم قصر الورد بناحية الخاقانيّة (٢)، وهي قرية من قرى قليوب كانت من خاصّ الخليفة، وبها جنان كثيرة للخليفة، وكانت من أحسن المتنزّهات المصرية، وكان بها عدّة دويرات يزرع فيها الورد. فيسير إليها الخليفة يوما، ويصنع له فيها قصر عظيم من الورد، ويخدم بضيافة عظيمة.

قال ابن الطّوير عن الخليفة الآمر بأحكام اللّه: وعمل له بالخاقانية - وكانت من خاصّ الخليفة - قصر من ورد، فسار إليها يوما، وخدم بضيافة عظيمة. فلمّا استقرّ هناك خرج إليه أمير - يقال له: حسام الملك - من الأمراء الذين كانوا مع المؤتمن أخي المأمون البطائحي وتخاذلوا عنه، فوصل إلى الخاقانية وهو لابس لأمة حربه (٣) /، والتمس المثول بين يديه - يعني الخليفة.

فاستثقل ما جاء به في ذلك الوقت، ممّا ينافي ما فيه الخليفة من الرّاحة والنّزهة، وحيل بينه وبين مقصوده، فقال لجماعة من حواشي الخليفة: أنتم منافقون على الخليفة، إن لم أصل إليه فإنّه يعاقبكم بذلك. فأطلعوا الخليفة على أمره وحليته بالسّلاح وقوله، فأمر بإحضاره. فلمّا وقعت


(١) المقريزي: السلوك ١٣٨: ١، وانظر فيما تقدم ١٦١: ١.
(٢) الخاقانية أو الخرقانية. من أعمال القليوبية على الشاطئ الشرقي للنيل، تقرب من القناطر الخيرية … وهي من القرى القديمة ورد اسمها محرّفا في كثير من المصادر، فهو يرد تارة الخرقانية وتارة أخرى الحرقانية، بينما ذكرها ابن ممّاتي وابن الجيعان والمقريزي وقبلهم ابن الطوير باسم الخاقانية، ويبدو أن هذا هو اسمها الذي عرفت به في العصر الإسلامي. وعرفت باسمها الحالي: الخرقانية ابتداء من سنة ١٢٢٨ هـ/ ١٨١٣ م (راجع، أبا شامة: الروضتين ٤٥٠: ١؛ ابن ممّاتي: قوانين ٨٥؛ ابن واصل: مفرج ١٧٦: ١؛ ابن الجيعان: التحفة السنية ٨؛ المقريزي: اتعاظ ٢٦: ٣، ١٢١، ٢١٠، ٢٦٠، ٣١٢؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٩٧: ١٠؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ق ٢ ج ١ ص ٥٤).
وذكر ساويرس بن المقفع أن الخرقانية كانت إقطاعا لمؤتمن الخلافة في زمن خلافة العاضد الفاطمي (تاريخ بطاركة الكنيسة ٦٥: ٢/ ٣).
(٣) لأمة وجمعها لؤم كصرد. الدّرع (الفيروز أبادي: القاموس المحيط ١٤٩٢ - ١٤٩٣).