للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جامع التّكروري

هذا الجامع في ناحية بولاق التّكروري، وهذه النّاحية من جملة قرى الجيزة، كانت تعرف بمنية بولاق، ثم عرفت ببولاق التّكروري؛ فإنّه كان نزل بها الشّيخ أبو محمد يوسف بن عبد اللّه التّكروري، وكان يعتقد فيه الخير، وجرّبت بركة دعائه، وحكيت عنه كرامات كثيرة؛ منها أنّ امرأة خرجت من مدينة مصر تريد البحر، فأخذ السّودان ابنها، وساروا به في مركب، وفتحوا القلع، فجرت السّفينة، وتعلّقت المرأة بالشّيخ تستغيث به، فخرج من مكانه حتى وقف على شاطئ النّيل، ودعا اللّه ، فسكن الرّيح ووقفت السّفينة عن السّير، فنادى من في المركب يطلب منهم الصّبيّ، فدفعوه إليه وناوله لأمّه.

وكان بمصر رجل دبّاغ أتاه عفص، فأخذه منه أصحاب السّلطان، فأتى إلى الشّيخ وشكا إليه ضرورته، فدعا ربّه، فردّ اللّه عليه عفصه بسؤال أصحاب السّلطان له في ذلك.

وكان يقال له: لم لا تسكن المدينة؟ فيقول: إنّي أشمّ رائحة كريهة إذا دخلتها. ويقال إنّه كان في خلافة العزيز بن المعزّ، وإنّ الشّريف محمد بن أسعد الجوّاني جمع له جزءا في مناقبه.

ولمّا مات بني عليه قبّة، وعمل بجانبه جامع جدّده ووسّعه الأمير محسن الشّهابي مقدّم المماليك، وولي تقدمة المماليك عوضا عن الطّواشي عنبر السّحرتي أوّل صفر سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة، ومات في (a).

ثم إنّ النّيل مال على ناحية بولاق هذه فيما بعد سنة تسعين وسبع مائة، وأخذ منها قطعة عظيمة كانت كلّها مساكن. فخاف أهل البلد أن يأخذ ضريح الشّيخ والجامع لقربهما منه، فنقلوا الضّريح والجامع إلى داخل البلد، وهو باق إلى يومنا هذا (١).


(a) بياض في آياصوفيا وباريس. - محمد بك رمزي مكان جامع المظفّر بالمكان الذي أقيم عليه الآن الجامع المعروف باسم «جامع البيّومي» في الشارع الذي يحمل اسمه. وهذا الجامع جدّده عثمان أغا الوكيل تابع الحاج بشير أغا دار السّعادة في سنة ١١٨٠ هـ/ ١٧٦٦ م كما هو مكتوب بأعلى بابه. وأجرت فيه وزارة الأوقاف إصلاحات بداخله في سنة ١٩٣٩، وبالجامع ضريح سيدي علي البيّومي. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠٩: ٩ هـ ٦).
(١) بولاق التّكروري. والصّواب في شكلها بلاق بكسر أوّلها لأنّ أصلها المصري Bilaq وهي كلمة مصرية قديمة معناها المرساة والموردة، وأطلق هذا الاسم على بولاق هذه -