أقبلت العساكر، فعبرت الجسر أفواجا أفواجا، وأقبل جوهر في فرسانه إلى المناخ موضع القاهرة (١).
وقال في كتاب:«سيرة المعزّ لدين اللّه»: وفي مستهلّ رجب سنة أربع وستين وثلاث مائة، أصلح جسر الفسطاط، ومنع النّاس من ركوبه، وقد كان أقام سنين معطّلا (٢).
وقال ابن سعيد في كتاب «المغرب»: وذكر ابن حوقل الجسر الذي يكون ممتدّا من الفسطاط إلى الجزيرة، وهو غير طويل، ومن الجانب الآخر إلى البرّ الغربي، المعروف ببرّ الجيزة، جسر آخر من الجزيرة إليه. وأكثر جواز النّاس بأنفسهم ودوابّهم في المراكب، لأنّ هذين الجسرين قد احترما (a) بحصولهما في حيّز قلعة السّلطان. ولا يجوز أحد على الجسر الذي بين الفسطاط والجزيرة راكبا احتراما لموضع السّلطان (٣) - يعني الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب.
وكان كرسي (b) هذا الجسر الذي ذكره ابن سعيد - حيث المدرسة الخرّوبية - من إنشاء البدر أحمد بن محمد الخرّوبي التّاجر على ساحل مصر، قبلي خطّ دار النّحاس.
وما برح هذا الجسر إلى أن خرّب الملك المعزّ أيبك التّركماني قلعة الرّوضة، بعد سنة ثمان وأربعين وستّ مائة، فأهمل. ثم عمّره الملك الظّاهر ركن الدّين بيبرس على المراكب، وعمله من ساحل مصر إلى الرّوضة، ومن الرّوضة إلى الجيزة، لأجل عبور العسكر عليه لمّا بلغه حركة الفرنج، فعمل ذلك (٤).
[الجسر من قليوب إلى دمياط]
هذا الجسر أنشأه السّلطان الملك المظفّر ركن الدّين بيبرس المنصوري، المعروف بالجاشنكير في أخريات سنة ثمان وسبع مائة. وكان من خبره أنّه ورد القصّاد بموافقة صاحب قبرس عدّة من
(a) بولاق: اخترما. (b) بولاق: رأس. (١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٠٩: ١ - ١١١. (٢) نفسه ٢١٨: ١. (٣) ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب ٨؛ ابن حوفل: صورة الأرض ١٤٦؛ المقري: نفح الطيب ٣٤١: ٢ - ٣٤٢؛ وفيما تقدم ١٥٣: ٢. (٤) راجع كذلك عن جسر مصر والجيزة، الكندي: ولاة مصر ٧٨، ١٩٢، ٢١٨؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٣٥: ٣؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣١٦: ١، ٢١٦: ٢؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٣٨٢: ٢، كوكب الروضة ٩٣؛ Fuad Sayyid، A.، La Capitale de l'Egypte، pp. ٧٥ - ٧٧.