للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه ليلا ونهارا، وقرّر كفايتهم وإعانتهم على الإقامة، وعمّر لهم هذا الجامع يستغنون به عن السّعي إلى غيره. وذكر أنّ الأفرم أيضا عمّر مسجدا بجسر الشّعيبيّة، في شعبان سنة ثلاث وتسعين وستّ مائة وجامعا هدم فيه عدّة مساجد (١).

[الجامع بمنشأة المهراني]

قال ابن المتوّج: والسّبب في عمارة هذا الجامع أنّ القاضي الفاضل كان له بستان عظيم فيما بين ميدان اللّوق وبستان الخشّاب (٢) الذي أكله البحر، وكان يمير مصر والقاهرة من ثماره وأعنابه، ولم تزل الباعة ينادون على العنب «رحم اللّه الفاضل يا عنب» إلى مدّة سنين عديدة بعد أن أكله البحر (٣).

وكان قد عمّر إلى جانبه جامعا وبنى حوله، فسمّيت بمنشأة الفاضل، وكان خطيبه أخا الفقيه موفّق الدّين بن المهدوي الدّيباجي العثماني، وكان قد عمّر بجواره دارا وبستانا وغرس فيه أشجارا حسنة. ودفع إليه فيه ألف دينار مصرية في أوّل الدّولة الظّاهريّة، وكان الصّرف قد بلغ في ذلك الوقت كلّ دينار ثمانية وعشرين درهما ونصف درهم نقرة. فاستولى البحر على الجامع والدّار والمنشأة، وقطع جميع ذلك حتى لم يبق له أثر.

وكان خطيبه موفّق الدّين يسكن بجوار الصّاحب بهاء الدّين عليّ بن محمد بن حنّا، ويتردّد إليه وإلى والده محيي الدّين، فوقف وضرع إليهما وقال: أكون غلام هذا الباب ويخرب جامعي. فرحمه الصّاحب وقال: السّمع والطّاعة، يدبّر اللّه. ثم فكّر في هذه البقعة التي فيها هذا الجامع الآن، وكانت تعرف بالكوم الأحمر، مرصدة لعمل أقمنة الطّوب الآجرّ، وبه سمّي (a) بالكوم الأحمر.


(a) بولاق: أقمنة الطوب الآجرية سميت.
(١) جامع جسر الشّعيبيّة عمّره الأمير عزّ الدّين أيبك الأفرم في شعبان سنة ثلاث وتسعين وستّ مائة. (ابن دقماق: الانتصار ٧٨: ٤، وانظر فيما تقدم ٥٥١: ٣، وفيما يلي ٢٠٤).
(٢) حاشية بخطّ المؤلّف: «ميدان اللّوق هو اليوم على يسرة قنطرة قدادار لمن يريد البحر من القنطرة». «بستان الخشّاب يعرف موضعه بالمريس». (وانظر فيما تقدم ٣٨٦: ٣، ٣٨٨ - ٣٩٢).
(٣) فيما تقدم ١٦٤: ٢.